ديوان‮ ‬‮ ‬‮رفــ الحصانة ــع ‬

2009-07-31

عـ البنياطا البنياطا يا عيني عـ البنياطا

نشرت براكة (جيل ليبيا) موضوعا تحت عنوان إستطلاع حول ظاهرة قرصنة المواقع الإلكترونية، حيث قدموا الموضوع بطريقتهم الخاصة ثم أكملوا بباقة مختارة من الآراء لا نستطيع حتى أن نفهم أساس إختيارها. وبعد الإطلاع على تفاصيل هذا الإستطلاع وما يمثله على الوسعاية الإعلامية الليبية، كان لنا التعليق التالي:



س: لماذا نسميها براريك الغضب؟

ج: هناك لعبة أطفال تسمى (ينياتا) أو (بنياطا) على وزن (طوني)، وهي لعبة مكسيكية الأصل ولكنها إشتهرت وتطورت على نطاق أوسع. في نظري، هذه اللعبة البسيطة تحمل تمثيلا دقيقا وبليغا لواقع الإعلام والمعارضة على الساحة الليبية وعلى أي ساحة تطغى فيها النيابية على الواقعية.

سيناريو اللعبة هو كالآتي: يعلق الأطفال دمية (كانت عادة على شكل حمار) مملوءة بالحلوى ويجعلوها تتدلى على مستوى رؤوسهم. ثم يأخذ كل طفل دوره في ضرب الدمية - ضربا مبرحا - بمسواق، ويكون الضارب معصوب العينين، بينما الآخرون يرون الدمية ولكن لا يضربوها، وهذا المشهد (التكافلي) يصور بكل صدق وإخلاص واقع ما يسمى (المعارضة) وما يسمى (الحكام العرب). الهدف حمار مملوء بالحلوى، وهذا يمثل الحاكم، ولكن الضرب لا يكون إلا بالمغمض وهذا يمثل الصحافة المعارضة! وأفضل نموذج متكرر من لعبة البينياتا في الوسعاية الليبية نجده في كتابات السيد رمضان جربوع الذي لا تكل يمينه (ولا يساره ولا رجليه) من تمسويق تلك الدمية المسماة (الحكام العرب) أو رؤساء، أمراء، سلاطين، ولكن لا تأتي البنياتا أبدا بموديل (القادة العرب). إنها شروط اللعبة في (القدس العربي) وغيرها من البراريك التي لا تملك من الإستقلالية ما يمكنها من حرق الجسور (شعرة بوكيل) مع الدمي المملوءة بالحلوى.

هذا الإستطلاع يقدم عرضا جديدا لمسرحية البنياتا. تخيل يا عزيزي القاريء أنك لا تملك أية خلفية حقائقية عن موضوع القرصنة وعلاقته بالوسعاية الليبية، ثم قادك السنيور كوكل صدفة إلى هذه الصفحة، فكيف سيكون تفاعلك بعد إكمال قراءتها؟ بدون أي شك هذا العرض النظري المنفصل عن الواقع يثير العديد من الأسئلة: أين الخلفية، أين الحقائق، النماذج، العينات، التنوع، أين الربط بين هذه الأعمال وبين السلطات المشتبه فيها؟ كل ذلك يبقى في حكم المردوم، الضمني، الإفتراضي، الدكنوني، تحت العصابة. شروط اللعبة لا تسمح باجتماع البصيرة والمسواق، إما أن ترى ساكنا صامتا، أو تطلق لغضبك العنان مغمضا.

في سياق التقديم كان من الممكن عرض نماذج معينة مما يفترض أنها (ظاهرة). مثلا، ما الذي يمنعكم من أن تتطرقوا إلى إختراق جماعة (منتدى ليبيا) ونتائجه، إلى جانب إختراق موقع (ليبيا المستقبل) ونتائجه، وهل ترون أي فرق بين الحالتين؟ هل هناك أي شرعية للقرصنة على أساس (إطلاق صفارة الإنذار) حول ما يهم الصالح العام وكيف يتحدد ذلك؟ هل كان من الممكن إشراك السيد البريكي من قورينا، أو حتى الإشارة إلى رأيه المنشور حول هذا الشأن؟ هناك الكثير من النقاط الحساسة التي يتجنبها ويتخطاها الإستطلاع الذي يأتي على شكل طابور (أكثر من كونه سلسلة متصلة) من العموميات ثم القفز إلى أحكام دقيقة بدون أي جسر منطقي. فمن تعريف القرصنة وحجب الرأي بشكل عام، ننتقل مباشرة إلى أحكام (المرض النفسي) و (الأزمة الذاتية) وغيرها من مفردات التعزير الغاضب بالمغمض. لولا إشارة السيد القماطي إلى (المواقع الليبية) وإشارة السيد سحيم إلى (البلاد)، لا يمكن للقاريء حتى أن يضع هذا الإستطلاع على خريطة المكان والزمان. إنها بنياتا تتأرجح في الهواء بدون ربط بأرضية الواقع...

نترككم مع كلمات الشحرورة الفولاذية التي لا تصدأ... بتصرف

عـ البنياطا البنياطا
و ياعيني عـ البنياطا
ذبلني حلم الجيعانين
وينك يا بو الهباكين
تغذيني حلوة شاكار وبتعشيني شكلاطا، شكلاطا

التسميات: , , ,

2009-07-29

بمناسبة عيده الأربعين... الديوان يكرم البوقيمان

بداية شهر سبتمبر القادم ستكون مناسبة خاصة في مشارق الأرض ومغاربها... إنه العيد الأربعون لميلاد خير الكائنات البرية، المفكر، الصحفي المستقل، حارس موقع (القذافي يتحدث) المهزوم، وعميد المواليد، السيد أسعد أمبية بوقيلة. يسرنا في (ديوان رفع الحصانة) أن نقدم هذه الهدية التي ستكون تسجيلا هاما رغم تواضعها أمام هذا الحدث التاريخي. ومن هنا ندعوكم أن تشاركونا أفراحنا ونتمنى أن تستمتعوا بالهدية على النحو التالي:






١. أولا، إضغط أعلاه لتبدأ الموسيقى ... ثم

Click to play this Smilebox slideshow: booga69

٢. إضغط هنا لمشاهدة العرض صحبة الخلفية الموسيقية

[مصادر: الصور من مدونة (الساخر الليبي)، والموسيقى من (يو توب).]


وفي الختام: لا تنسونا من دعواتكم!

التسميات: ,

2009-07-27

(ديوان رفع الحصانة) يفوز على موقع (القذافي يتحدث) ويتصدر قائمة (أليكسا)


بينما يستعد العقيد القذافي للإحتفال بأربعين عام من الإنفراد في دائرة الأضواء الليبية، أسقطت منظمة (أليكسا) العالمية موقعه الشخصي (القذافي يتحدث) ليحل محله (ديوان رفع الحصانة) على رأس قائمة ترتيب المواقع الشخصية الليبية. ومنظمة (أليكسا) تعنى بترتيب مختلف المواقع على الإنترنت، وقد إتخذت بعض براريك الغضب من قوائم (أليكسا) مادة للفخر والدعاية، وأساسا للحصول على الدعم المالي.

ومن المعلوم أيضا أن موقع (القذافي يتحدث) كان ولا يزال متخلفا وراء البراريك على قوائم (أليكسا) بدرجات تحسب بالآلاف المؤلفة. ولكن المقارنة غير عادلة، لأن البراريك مواقع أخبار وإشاعات وإثارات، أما موقع القذافي فهو موقع شخصي يطرح فيه القذافي أفكاره الشخصية وتعليقاته على الأحداث... هكذا يقال، أي أنه يمكن تصنيفه - على ظاهره - في خانة المدونات، وفي هذه الخانة كان موقع القذافي يحتل الترتيب الأول إلى وقت قريب، وربما كان ذلك مبعث سرور وإطمئنان لدى القائمين عليه. ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وأشرنا في شهر مارس الماضي إلى أن الديوان بلغ الترتيب الثالث، وقررنا عندئذ أن نعمل ما بوسعنا لضمان استمرار صعود الديوان على سلم (اليكسا) بهدف الإطاحة بموقع القذافي. وهكذا يأتي تفوق (ديوان رفع الحصانة) على موقع (القذافي يتحدث) كحدث له طعم نادر لأنه موقف يظهر فيه العقيد القذافي خاسرا على المستوى الشخصي في منافسة مفتوحة، وبتحكيم مستقل، ضد شخص ليبي آخر، وليس في مجال الرياضة أو الغناء، بل في مجال الفكر واستقراء الأحداث.

بدون تردد يمكننا أن نقول أن القذافي وأعوانه يفضلون ألا يروا موقعهم على قائمة تميز من أن يروه في مرتبة ثانوية. ولذلك يسعدنا أن نزف لهم هذا الخبر ونطلب من جميع القراء أن يعملوا معنا على نشر هذا الخبر على أوسع نطاق ممكن، لنتأكد من أن القذافي وعصابته سيجعلوا منه مقياسا لمدى نجاح (شعبة الأمن الإلكتروني) في مهامها الدعائية والتخريبية، ومقياسا حقيقيا لفاعلية البرامج الدعائية المستمرة، ذات التكاليف الخيالية. كم كلف موقع القذافي، وكم كلف الديوان؟ قارنوا يا أولي الألباب، وهاهي النتيجة أمامكم.


في الختام، وعملا بمبدأ رفع الحصانة تحت مظلة تساوي الفرص، أقول للسيد معمر القذافي: طز فيك!

-------------
(لمتابعي الديوان: لا يجوز الكيخ كيخ جهرا في هذه المناسبة!)

التسميات: , ,

2009-07-26

إستطلاع براكة (جيل ليبيا) حول دعوة (المغرر بهم)

نشرت براكة (جيل ليبيا) الأسبوع الماضي مجموعة من الردود على الدعوة التي أطلقتها ثم وضحتها المنظمة الإجرامية الحاكمة في ليبيا، إستجابة لتوجيهات قائدها. والمتتبع لأساليب عمل العصابة الليبية ربما يعلم أنها بطبيعتها لا تستعمل الإعلام كأداة لتفعيل مبدأ الشفافية، وإنما تستعمله كأداة للتسويق وستار للتغطية. وبما أن البيان يتحدث عن عودة الليبيين، فلا جدوى من محاولة تحليله بنظرة مستقبلية مفتوحة، وإنما الأصوب تحليله على أنه تغطية لصفقات إن لم تكن عقدت فهي في طورها النهائي. من هذه الزاوية، أنا أرى أن هدف هذه الدعوة يتمركز حول أعضاء المنظمات الليبية الإسلامية المقيمين في أوروبا، بعد أن جعلهم جورج بوشت عرضة للضغط والمساومة، وبمعونة شركاءه في مصر، استحدث لهم سرداب العودة تحت إسم (المراجعة) ليكون بديلا لمصطلح (الردة) في أدبيات الملتحية. ومن هذه الزاوية، أرى أن إستطلاع الرأي حول مسرحية الرجوع والمراجعة يجب أن يستهدف الشخصيات المعلن عن مشاركتها، ومن بينهم شاهد الزور على الصلابي والإرهابي المتقاعد نعمان بن عثمان، وما أمكن جمعه من باقي المراجعين الذين ظهروا مؤخرا ليعلنوا عن مباركتهم ودعمهم لحوار يقولوا أنه جاري ولا يملكون حق الحديث عن تفاصيله، وليضيفوا أيضا أنهم لم يخرقوا قوانين بريطانيا طيلة إقامتهم بها! فهمتوا؟ هناك مفاوضات، مد وجزر، وسفناري ومسواق، ضغوط وتهديدات، وسماسرة البغاء يمارسون عادتهم بمباركة أفعال تدور تحت الغطاء دون الإفصاح عنها.

أرسلت تعليقا لبراكة (جيل ليبيا) حول الموضوع، وقاموا بنشره إلا خمسة، ولذا قررت أن أنشره هنا بكامله. الفقرة الأولى من التعليق هي الفقرة التي قرر أهل البراكة حذفها، وهي تتعلق بنشرهم لمواد من الديوان على شكل رسائل بدون الإشارة إلى مصدرها. إضافة إلى ذلك تناولت في تعليقي بشكل خاص ما صرح به السيد سليمان دوغة، رئيس تحرير معرض (ليبيا اليوم) للمسروقات الأدبية - سابقا. وهذا نص التعليق قبل أن يطاله مبضع الطهارين:

أولا، طلب خاص من أهل البراكة: المواد المنشورة في (ديوان رفع الحصانة) معنية للنشر العام، ولا تخضع بالضرورة لقوانين حماية حقوق الطبع ولكنها تخضع لأخلاقيات حماية الملكية الفكرية. ولذلك، لا مانع لدي من نشركم بعض مواد الديوان، لأي غرض كان، حتى لغرض (حك سنون المانينا)... ولكن أرجوكم، متى قررتم أن تنشروا أي مادة، تجب الإشارة بوضوح إلى مصدرها.


ملاحظة عامة حول دائرة الإستطلاع، وهي في الحقيقة أقرب إلى مستطيل من دائرة: السؤال الأول دائما في مثل هذه الحالة هو: ما هي الظروف التي أدت إلى هذه التشكيلة، وبالترتيب على ذلك يمكن أن نعرف إذا كان الهدف جس الرأي العام أم صقله. يهم القاريء أن يعرف من سألتم، ومن منهم لم يشارك، ومن منهم لم يرد، ومن شارك ولم تنشروا مشاركته. من الواضح أن التشكيلة تضم بعض أدوات المنظمة الإجرامية الحاكمة في ليبيا، ولكن من الجانب الآخر هناك حضور واضح للمعسكر الإسلامي وغياب واضح أيضا لبعض، وربما أهم عناصر المعسكر الإسلامي وأقربهم إلي مركز الهدف من هذا البيان. جميع السادة المتحدثين ينتمون إلى معسكر الإلتحاء المخفف، يعني من صفر إلى نص كم، أين آراء الإعفائيين مثل جماعة المقاتلة؟ ألم تغنموا بمشاركة حتى من (المراجعين الراجعين) منهم؟

وأخيرا، وكما يقال (خير القرّ أخره)، نرسل تحية خاصة للسيد الإذاعي سليمان دوغة - موديل 007 . والحقيقة صفة (الإذاعي) هذي جميلة جدا، ولا أدري هل هي من تصنيعك أم أن المراد هو تعبير أدق من (إعلامي)! ما الفرق بين (مذيع) و (إذاعي)؟ ذكرتونا بمقولة مارك توين، رضي الإنسان عنه، حين سئل عن الفرق بين الكرنبيت والبروكلي، فقال أن البروكلي هو الكرنبيت الذي يحمل شهادة جامعية.

المهم، يقول السيد الإذاعي (خريج كلية الشريعة) بلهجة ملتهبة:
"لا أعرف هل كانت الدولة الليبية ستقبل حقا بيانا كهذا لو صدر من أمريكا وبريطانيا يوبخها على أفعالها الماضية ويطلب منها العودة صاغرة والتوبة والإقلاع عن الذنب؟!!"
السؤال يقوم ضمنيا على تشابه مفترض بين وضعية المعارضة والحكومة من نفس البلد، وبين وضعية الدولة الليبية في مواجهة دول أخرى، وهذه مشابهة غير منطقية حتى على المستوى النظري. أما على المستوى العملي، فما هو وجه التشابه الذي يفترضه السيد الإذاعي بين سوابق المعارضة الليبية وبين سوابق الدولة الليبية المدانة في جرائم ضد الإنسانية؟ أمريكا وبريطانيا وجهت تهم ممارسة ودعم الإرهاب الدولي لدولة (الأخ العقيد) حسب إسمه الرسمي على قولك، ووبخوها ثم طردوها من المجتمع الدولي، واشترطوا عليها ألا تعود إلا صاغرة وبعد الإعتراف وإعلان المسؤولية والتوبة والإقلاع عن ماضيها الإرهابي. وهذا يا سيدي الإذاعي ما حدث بالتحديد، بداية بتصريحات ممثل الدولة في الأمم المتحدة ونهاية بتصريحات أخيك العقيد أمام مؤتمره العام في حضور شهود من الكونغرس الأمريكي. صح النوم يا سيدي.


واضاف دوغة: "أنا شخصيا عدت لوطني مثلي مثل مئات الليبيين الوطنيين، ليس لأنه غرر بنا والآن استفقنا!! ..."

عفوا يا سيدي، على مهلك، وحدة وحدة، أنت الباين عليك منتخص بمرافقك يا. كلامك هذا الجديد لا يتفق مع ما صرحت به في حوارك مع السيدة هالة المصراتي، هل نسيت؟ على كل حال، هي زميلتك في لجنة الإعلام العربي الإلكتروني، أو ربما البروتوني لا أذكر بالضبط، ولكن هي اللجنة التي ولدت في المؤتمر الذي جمعكم تحت سقف دراسات الكتاب الأخضر، عرفتاو؟ باهي باهي. في مقابلتك مع السيدة هالة لاحقا، ألم تقل لها أنك قمت بمراجعة ذاتية بعد مرور السنين وفي ضوءها أصبحت متفهما للحالة الإستثنائية التي فرضتها حماية (الثورة الغضة)؟ ربما أنا أخطأت في كلمة هنا أو هناك، ولكن السياق العام سليم، وعلى كل حال الفيديو ويمكن مراجعته. أنا أعتقد أن ما يطلبه بيان دوردة ويغضبك الأن هو مطابق إلى حد بعيد لما سبق أن قدمته طوعا يا سيدي الإذاعي على الهواء في ضيافة السيدة هالة. مرة أخرى، صح النوم!


التسميات: , , ,

2009-07-23

ما وراء تعثر المشروع الإصلاحي

عجلة الإصلاح في ليبيا: خضرا وحواشيها الأربعة حمر


سيف القذافي: "أثبتت الدراسات الأمريكية والبريطانية أن العائق الأساسي أمام حركة الإصلاح في ليبيا هو عدم توفر الأرضية السياسية المناسبة."

التسميات:

2009-07-22

إسلامي يتحدث بلغة الأرقام... فليبدأ الكيخ كيخ

الإسلامي المتأرقم هو السيد صلاح الشلوي، عضو سابق في (جماعة الإخوان المسلمين - ليبيا) وعضو دائم في الحضرة الإصلاحجية. والحقيقة أن أمور عضوية الليبيين في مختلف المنظمات وإرتباطاتهم أصبحت تختلط علينا ولم نعد قادرين على متابعتها ولا حتى على رصد المنظمات نفسها التي خصصنا لها سابقا سجل تحت إسم (المنظمة دو جور). ولكن، في موجة إخراج العرائض حول قضية الأيدز، كان السيد الشلوي يضع في خانة (الحيثية) أنه جيولوجي، ولم نفهم حينها ما إذا كان المقصود بذلك وصف مجال التعليم أو مجال العمل أو مجال الإنتماء الفكري. المهم أن ما وراء هذه التدوينة هو (حوار) إصلاحو-إفتائي على براكة المنارة بين المفتي صلاح الشلوي والمفتي ركن السنوسي بسيكري. ومن المعلوم أن الجيولوجي الشلوي أسقط إنتماءه التنظيمي للإخوان حديثا، ليتمتع بمجال أوسع من الإستقلالية، مع الحفاظ - طبعا - على الإنتماء الفكري، فهمتو؟ أما السيد بسيكري، فعلى ما أظن أنه لا يزال ينتمي فكريا وتنظيميا لجماعة الإخوان. طبعا، هؤلاء جميعا معنيون بصفة (الجراثيم) وصفة (الظلاميين) التي أغدقها عليهم معمر القذافي كما سبق أن تناولنا، والسيد الشلوي - لم يكن من العاجزين - أغدق علي القذافي صفة (الأخ العقيد)، وهو ما يعفلق بعض الناس، ويدره كبد كل من لا يستطيع أن يتعامى على (الفيل في الحجرة)، ولكن السيد سليمان دوغة (موديل ٠٠٧) يبرر صفاقة الشلوي المعسولة بأنها إسم القذافي الرسمي. ياسلام ياسلام! كنا نظن أن إسمه الرسمي هو (القائد) وليس الأخ، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر كنا نتوقع أن تلاميذ الفكر الإخواني يحكمون مباديء الولاء والبراء في نثر هذه (التنخيمات) - أخخخخ يا رسمي!

المهم، في إطار متابعة كتابية لحواره مع إحدى البراريك الفضائية، والذي سبق نشره على حبال البراكة البرمائية (المنارة)، أفاد السيد الشلوي أن حواره المسجل لم يبث بكامله، ودخل في تعقيبه من باب الإدلاء بما نقص من حواره، وهذا ما يهمنا هنا، رغم أن السيد الشلوي إنتقل من هناك إلى مواضيع حزبية أخرى. قال السيد الشلوي:



من الملاحظ أن (80%) من السياسة الخارجية الليبية صار يتجه نحو العقلانية سواء قبلناها أم لم نقبلها ويبقى (20%) منها يحتاج لإعادة تقييم واستدراك، بعكس السياسة الداخلية التي يحتاج (78%) منها لإعادة تقييم واستدراك لم يعد يحتمل التسويف أوالترحيل، ويبقى (10%) منها يمكن التعامل معه حتى مع الاختلاف عليه، و (8 %) منها يمكن التوافق حوله واعتبار ما فيه من نقص شيء عادي في عالم البشر، و( 5 % ) يمثل الجانب الإجرائي وليس من المهم اعتباره محل إشكال.
ياسلام ياسلام! هاهي المفردات التي نبحث عنها...إلا واحدة! ماذا يقابل كلمة (charlatan) باللسان المتجلط؟ شخص يمارس لعبة التدجيل الفكري، أو نصاب ثقة. يقول الشلوي: (من الملاحظ) أن نسبة كذا وكذا من السياسة الخارجية... (ملاحظ) يعني عيني عينك، ليس مفترض، ولا متوهم، ولا رفت به عين، وما هو نطق عن الهوى. ياسلام ياسلام! وفي سياق التعليق سأل البعض عن مصادر هذه الإحصائيات والقياسات الدقيقة لأشياء من الصعب حتى تعريفها، فما بالك بقياسها! تيء تيء تيء. السيد (الملاحظ) لا يتحدث عن (إنطباعات فئة محددة من الناس حول سياسة ما)، والتي يمكن قياسها، وإنما يتحدث صاحبنا عن (السياسة) نفسها وعما هو (ملاحظ) عن تركيبتها. مرة أخرى، يا سلام ياسلام! لا شك أن رجلا يملك هكذا قدرات خارقة، بإمكانه - كما قال صديقه دوغة - أن يملك كنوزا من الذهب والفضة، ولكن العائق ليس إلتزام الشلوي بمبادئه، كما تكرم دوغة خارج السياق، بل هو إنعدام القدرة الشرائية لدى الزبائن! وحتى عندما (ماكسه) أحدهم عن مصدر بضاعته الإحصائية رد الشلوي قائلا (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)، وطلب من سائله بعد نعته ضمنيا بالجهل أن يعيد قراءة النسب المئوية بتريث و ( حاول أن تستفيد من المنطق الرياضي الكامن خلف ضرب المثل بالنسبة المؤية). يا سلام على المنطق (الرياضي)، وربما يعني المنطق الجمبازي. أي منطق رياضي يتحدث عنه السيد الجيولوجي، وهل هو نفس المنطق الذي تقوم عليه الدراسات الجولوجية لظاهرة إنشقاق القمر في القرن السابع الميلادي؟ يا عليك حال، قاللك منطق رياضي!

وأجمل ما في المكياج الرقمي الرياضي الذي تلبس به الشلوي هو الجزء المتعلق بسياسة ليبيا الداخلية، حيث قدم الرجل نسب مئوية محددة إلى أقرب الآحاد، (78%) و (18%) بدلا من (حوالي 80% أو تقريبا 20%). الحكاية كلام دقيق يا... وهظا ليبي يرحي من سويسرا مش من دون! هناك مشكلة بسيطة في هذه النسب مئوية - الدقيقة - وهي أن حاصل جمعها يساوي 101%. يا سلام يا سلام على التدجيل الوافي. خوذوا بزيادة! ألم نقل أن نشر ثقافة الإستبداد لا يتم إطلاقا إلا في وجود متطوعين مؤهلين إما بجهلهم أو بطمعهم لأن يفلفصوا دين أم عنق الحقيقة عيني عينك؟ والأخطر من ذلك أن هؤلاء يجدوا دائما من يشتري منهم (زيوت الثعابين) ويصفوهم بالعقلانية والحكمة والإتزان، لماذا؟ في ثقافة تقابل الموضوعية الإحصائية بالنصوص المقدسة، بالتأكيد، كل فولة مسوسة تلقالها كيال أعور.

التسميات: , ,

2009-07-16

رمزية الصورة والألف كلمة ضائعة

صورة مقتبسة من براكة (المنارة) يظهر فيها
مواطن ليبي في إستقبال قريبه المفرج عنه لتوه من السجن. أيهما السجين؟

الإسلاميون وفاعلية الصورة في الإعلام

لا يوجد في ثقافة الأهواء والبغضاء أي مفهوم لتحصين الإعلام ضد محاولات توظيفه من قبل مراكز القوة لخلق رمزية إيجابية تخدم أغراضها التسويقية. ومثال على ذلك هو المهرجان الذي خصت به براريك الغضب حدث الإفراج عن السيد محمد بوسدرة، السجين الذي أطلق سراحه - خارج دائرة المسؤولية والمسائلة - بعد عشرين عاما من السجن، كان أكثرها في سجن (بو سليم) وبعضها في سجن إنفرادي. ماذا تعتقد أن يأتي مع هكذا خبر، وكيف يكون التعامل معه على مختلف المستويات؟ طبعا، هناك محور إنساني للحدث، يتشكل حول هيكل من الروابط العائلية والعلاقات الشخصية، ويتمحور هذا الجانب حول معاناة السجين ذاته وأقاربه وأحبابه. الجانب الإنساني يجب مراعاته ومعالجته بتعمق، وهذا ما لم يحدث بعد، وفي كل الأحوال لا يجب الخلط واللبس بين هذا الجانب والجوانب الأخرى من القضية، تلك الجوانب التي تتعلق بالشأن العام وتؤهل القضية للتناول على المسرح الوطني، وهذا ما يهمنا في هذا السياق.

ماذا حدث في منتصف الشهر الماضي، هل كان الإفراج نقطة نهاية أم نقطة بداية؟ هل تم بموجب قوانين سارية عبر المؤسسة القضائية، هل هو إستكمال حكم مسبق أم أنه عفو (كريم) مع الإبقاء على إجرامية المدان؟ ما هي قضية بوسدرة، وكيف أصبحت له قضية أصلا، وهل هي قضية شخصية أم قضية وطنية، وما الذي يجعلها من هذا النوع أو من ذاك، وما هي توابعها وتطوراتها، وما هي خلاصة إغلاقها والحصانات التي يمكن أن تكتسب بسبب هذه الخبرة؟ هناك ألف سؤال وسؤال، ولكن ليس هناك سائل واحد ولا مجيب. كل هذه الأسئلة كانت وستظل غائبة، ليبقى لنا في النهاية لا شيء سوى إنطباعات، سواء كانت قائمة على الشائعات أو الحقائق، فهي جميعا مجرد إنطباعات. الإعلام هو المسؤول عن تنمية الإنطباع إلى معرفة وفهم وإلمام، ولكن لا يتم ذلك إلا بوجود إعلام (طبيعي\حيوي) يخضع عرضه لضوابط طلب المتلقين ولا يكون إعلام من باب التصدق.

قضية السيد بوسدرة يمكن تلخيصها بناء على المعلومات المتواجدة عنها، وهي جميعا من طرف واحد، طرف الواجهات\الأذرع الحقوقية لمنظمات إسلامية ليبية، لعل أبرزها (منظمة التضامن). في البداية منحت هذه المنظمات وسام دك-تر (د.) للسيد بوسدرة، ولكن أقلهم جهلا أسقط هذا التشريف المزيف فيما بعد، حيث أصبحت (التضامن) تسميه (السيد بوسدرة) في بياناتها، وبراكة (لمنارة) تعيد نشر بيانات (التضامن) بصيغة الخبر بعد استبدال (السيد) بلقب (د.)، وهو تزوير متعمد. وإليكم موجز القضية حسب أحدث بيان من (منظمة التضامن)، الذي أصدرته بمناسبة الإفراج (النهائي) عن السيد بوسدرة:

و يعتبر السيد محمد بوسدرة أقدم سجين رأى في ليبيا، فقد ألقي القبض عليه في منزله بواسطة أجهزة الأمن في 19 يناير 1989، بسبب توجهاته الإسلامية حسب ما قيل ، ولكن لم توجه له أي تهمة بشكل قانوني، إلا بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات في سجن بوسليم، حيث حكمت عليه محكمة الشعب الاستثنائية الملغاة بالسجن المؤبد. وفي يونيو 2005 أعيدت محاكمته أمام محكمة خاصة، فحكم عليه بالسجن لمدة 10 أعوام، و كان قد مضى على سجنه حينذاك 17 عاماً، و بدل أن تخلي السلطات الليبية سبيله بعد إنقضاء مدة الحكم ، استمرت الأجهزة الأمنية في احتجازه وإخفائه في زنزانة انفرادية في أحد المقار التابعة لإدارة أجهزة الأمن الداخلي بالعاصمة الليبية طرابلس قبع فيها أكثر من ثلاث سنوات، وقد انقطعت أخباره خلال هذه الفترة تماما، حتى تاريخ إعادته إلى سجن بوسليم (العسكري) في أواخر عام 2008 ،و سمح لعائلته بعد ذلك بزيارته مرتين، و لمدة نصف ساعة، كما منعت الإجهزة الأمنية كل من منظمة مراقبة حقوق الإنسان (Human Rights Watch ) و منظمة العفو الدولية (Amnesty International ) ،أثناء زيارتهما الميدانية لهذا العام إلى ليبيا للإطلاع على أوضاع حقوق الإنسان ،من مقابلة السيد بوسدرة بحجة اندراجه ضمن قائمة المعتقلين الذين صدرت بحقهم أحكام.
السيد محمد بوسدرة ضحية من ضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا، فقد تعرض للاعتقال التعسفي وعُزل عن المجتمع في ظروف قاسية، كما أن محاكمته جاءت بعد 17 عاما من الاعتقال التعسفي الغير قانوني.

المصدر: بيان منظمة (التضامن) - ١٥ يونيو ٢٠٠٩


جميل جدا. فلنغض النظر عن لقب (أقدم سجين) المراد له أن يكون مقابلا للقب (أبرز سجين) الذي ارتبط بفتحي الجهمي، ولنغض النظر عن مدى تفاعل (التضامن) مع قضية الجهمي.. ولنسجل أن هذه معلومات جيدة، مؤرخة ومحددة، ولكن هل هي كاملة؟ وهنا يجب أن نعرج قليلا على مفهوم كمالية الحقيقة لأننا سنعثر فيه لاحقا عند منعطف تقييم شهادات السيد بوسدرة وأثره الإعلامي. في المحاكم الأمريكية، قبل أن يتم استجواب الشهود يطلب منهم أن يؤدوا القسم، حيث يلزم الشاهد بالإفصاح عن نية التعهد بقول (الحقيقة، كل الحقيقة، ولاشيء غير الحقيقة). لماذا يضيفون (كل الحقيقة)؟ لأنها تأكيد على أن الحقيقة لها كمالية وليس هناك حقيقة بالكمبيالة! الشهادة التي تحتفظ بجزء معلوم من الحقيقة هي شهادة زوووووووووووور.

المفقود في نبذة (التضامن) هي تفاصيل التهمـ(ـة) التي وجهتها العصابة الإجرامية الحاكمة للسيد بوسدرة في المحاكمة الأولى والثانية. النبذة تقول أن السيد بوسدرة ألقي القبض عليه بسبب (توجهاته الإسلامية)، وهذا كلام فارغ، وأنه لم يتهم (إلا بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات في سجن بوسليم)، وهنا يتوقع القاريء أن يرى شيئا عن التهمة ولكن السرد يقفز فورا من القبض إلى حكم المحكمة بالمؤبد. ليست هذه المناسبة الوحيدة لتغيب التهمة في سرديات براريك الغضب حول هذه القضية - لماذا؟ كلمة أخرى ضائعة. ولكن هناك كلمة (بو سليم) وتاريخ سجن السيد بوسدرة لمدة عشر سنوات إبتداء من 1989، وهو ما يضع السيد بوسدرة داخل أسوار بو سليم في أواخر يونيو 1996 ويجعله معاصرا إن لم يكن شاهد عيان على أحداث ذلك السجن التي سقط فيها العديد من السجناء تحت رصاص السلطات الليبية بقيادة وتنفيذ العقيد عبد الله السنوسي وأعوانه. منظمة (التضامن) ساهمت بوافر من المواد الإعلامية حول قضية (بوسليم)، ولكنها لا تلمس ولا تشير حتى من بعيد إلى الترابط الحرج بين قضية بوسليم والسيد بوسدرة. كلمات أخرى وجوانب أخرى مفقودة من (كل الحقيقة)... وربما هناك تعتيم متعمد - منشود أو متفق عليه - من نوع (لا تسأل، لا تخبر).

كيف انتهت قضية بوسدرة؟ في أوائل يونيو، وعلى لسان (التضامن) وشوشت براكة (ليبيا اليوم) بخبر (نصف-إفراج) عن السيد بوسدرة، أو إحالته من السجن إلى الإقامة الجبرية في مزرعة قرب طرابلس، مضيفة (أن السلطات الليبية قد منحت بوسدرة تعويضا ماليا كبيرا عن فترة سجنه وتم إرجاع زوجته إليه بعد ان تم تطليقها أثناء فترة سجنه.) ياسلام ياسلام! وهذه الزوجة المسكينة يتعاملون معها وكأنها متاع، بضاعة، كالسيارة يطلقوها منه ويردوها، ويذكروا هذا الكلام بكل برودة، وكأن القوم لم يسمعوا يوما بمقولة (الحرج عيب والردادة زيادة). طبعا مفهوم تطليق الزوجة وإرجاعها بدون مراعاة إرادتها لا يخرج من دائرة المقبول في ثقافة الإسلاميين، مثله مثل مفهوم عقوبة الجماعة، وحتى لو إعترضت منظمة التضامن فإن إعتراضها سيكون على أساس خطأ في التطبيق وليس على أساس بطلان مبدأ إزدراء المرأة. والأسوأ من كل ذلك أن براكة (ليبيا اليوم) سبق لها أن نشرت معلومات حول قضية بوسدرة (من مصادرها الخاصة) وتعرضت فيها لموضوع طلاق السيدة زوجة بوسدرة، قائلة أن السيدة طلبت الطلاق بعد أن أوقفت السلطات صرف مرتب زوجها السجين، وأفهم من ذلك أن المطلقة بأولادها تتأهل لإستلام المعونة المالية عبر هيئة الضمان الإجتماعي ليصبح لها مصدر دخل مستقل يسهم في سد حاجات عائلتها المتكونة من ولد وبنت معاقة منذ طفولتها. إذا كانت قضية بوسدرة شخصية فقط، وإذا كانت البراريك تريد فقط التعامل مع الجانب الإنساني، فبعد السجين ليس هناك من عانى أكثر من زوجته وأبناءه، وليس هناك زاوية أفضل أو أولى من زاوية التضحية والمعاناة التي كانت نصيب زوجته وأبناءه، ولكن يستمر الخلط، وتبقى لنا الصورة والكلمات الضائعة.

وبعد اسبوع من تسريب خبر الإفراج المشروط طفحت البراريك بخبر الإفراج (الكامل) على السيد بوسدرة، فنشرت براكة المنارة الخبر طازجا وأفادت أن السيد بوسدرة كان حينها في إنتظار الرحلة التي ستقله من مطار طرابلس إلى بنغازي ومن هناك إلى مدينة البيظاء - هكذا يجب أن تكتب حسب قراءة (يانا علي يابريقتي). وما كان من براكة (ليبيا اليوم) إلا أن أرسلت مراسلها فورا إلى مسرح الحدث، السيد (فتحي بن عيسى) الذي يوحي إسمه على المستوى الصوفي بأنه (كاشف السر)، فطار بن عيسى إلى المطار، حاملا رجليه في غمره، وفي في عقله الخلاق حمل أهم تساؤلات القراء وأهم ما يشغل المواطنين حول هذه القضية الوطنية؟ فماذا سأل بن عيسى بوسدرة؟

س ١: حق داروا عليك شروطو؟

ج ١: لا، السلطات أفرجت عني دون قيد أو شرط، والتأخير كان لأسباب (إدارية) بس.

س ٢: وشنو رايك في سيف؟

ج ٢: مانيش ملم بالموضوع... لكن سيف وعلي الصلابي وصالح عبد السلام كلهم ناس ملاح.

إنتهى الحوار الطاريء. قد يقول قائل أن هم بن عيسى كان مركزا على تصحيح ومراجعة ما سبق أن ذكرته صحيفته بخصوص الإفراج المشروط على السيد بوسدرة، ولكن بن عيسى لم يراجع ما سبق أن نشروه بكامله، حيث أنه لم يتعرض لحكاية (التعويض المالي الكبير) ولم يراجع حكاية إرجاع زوجته بعد تطليقها، وما الداعي للحديث عن دور القذافي الإبن في سياق المراجعة، حيث أن خبرهم السابق لم يضم حتى إشارة إلى دوره الغامض، رضيت الثورة عنه؟ لا، يا بن والدي، مراسل (ليبيا اليوم) لم يكن في المطار للمراجعة والتصحيح؛ بن عيسى حضر في المطار لغرض محدد: نشر صورة السيد بوسدرة وكأنه عريس خارج من (الحمام) في فرملة لالاجة مشوهة بذوق مصر، وطاقية صوف في عز الصيف، ولكنها رمز للمناظلين من جوقة يانا علي يا بريقتي. الغرض الثاني كان ليقوده لقول كليمتين خفاف ظراف، وليفي بذلك حقوق الأب والإبن والثورة القدس. انتهى دور إعلام بن عيسى! وإذا كان التوقيت وضيق الوقت هو سبب إختزال حوار بن عيسى في سؤالين، فما الذي يمنعه وإخوانه من متابعة الموضوع بعد حفلة العرس وبعد البارود؟ لا شيء سوى أن الإذن بذلك لم يصل. ما الذي يمنعه من سؤال السيد بوسدرة عن التفاصيل القانونية والغطاء الرسمي للإفراج عنه والتعويض المالي الكبير الذي قالوا أنه قبله؟ لماذا لم يتابع بن عيسى قول بوسدرة (تمت تسوية موضوعي) ليزيح عنه الضبابية ويجعل من قوله معلومة جديرة بالنشر والتناول على المستوى العام؟ لماذا لم يسأله إذا كان يملك جواز سفر، وحرية التنقل داخل وخارج ليبيا، وحرية العمل في مجال الإمامة والخطابة كما كان من قبل سجنه، ومتى قرر أن ينهي مشروع إعفاء اللحية، قبل التسوية أو بعدها، وإذا كان مستعدا في المستقبل أن يجري حوارا مطولا يتطرق فيه إلى الأسباب التي تبرر قضيته تؤهلها لتكون قضية وطنية وقضية سجين رأي، لا قضية ضحية عشوائية مثل ضحايا القيادة المتهورة على الطرق. حوار بن عيسى وبوسدرة، في نظري، لا يمت للصحافة بصلة، ولكنه يعبر بكل وضوح عن العاطفية والسطحية والعميانية التي تشكل في مجموعها قوام وبنية علاقة العرض والطلب بين المجتمع الليبي وأدواته الإعلامية.

الجانب الآخر من مسلسل بوسدرة تكفلت به براكة المنارة، وهو الجانب الذي ركز على تغذية العاطفة وإغراق العيون بالدموع حتى لا تلاحظ الجانب المغيب من الحقيقة. المنارة عرضت صور وصول السيد بوسدرة وإستقبال ذويه له، ولم يفتها أن تضيف أناشيد الأعراس لتصاحب زفة العريس الذي جهزه عبد الله السنوسي وحلق لحيته ونقي خدوده بالسلك وعطره بالبارازيتا ووضع على رأسه علم قبيلته وأعاد له زوجته الجماد. والمقابل جاء في الحلقة الثانية من سلسلة المنارة، حيث عرضت شريط فيديو معد مع سبق الإصرار والتعمد، وليس عفوي، ويظهر فيه السيد بوسدرة وهو يصلي في حضرة بعض الزوار الجالسين خارج الصلاة وبدوا وكأنهم يشاهدون تلفزيون يلعلع كالعادة. إذا، فيديو الصلاة ليس عفوي، والصلاة بذاتها لم تكن تستحق التوثيق، لأننا لا نظن أن السيد بوسدرة منع من الصلاة أو تلاوة القرآن في السجن. فيديو الصلاة لم يكن عرضا لجانب إنساني، بل هو خلط متعمد بين الجانب الشخصي\الإنساني والجانب السياسي العام، والفيديو كان رسالة للعوام، أرادوا ذلك أم أبوا. فما هي الرسالة التي سارع بها السجين والمحيطين به؟ الرسالة كانت فيديو (صوت وصورة) لقراءة السيد بوسدرة لفقرتين قرآنيتين، بالنص التالي:
  1. الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

  2. مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

فما هو مغزى الرسالة وما هو أثرها؟ أولا، يجب أن نلاحظ أن استعمال الطقوس والشعائر الدينية كبديل للتعبير الإنساني المباشر داخل السياق الطبيعي، يعتبر توظيفا سياسيا للدين، خارج دائرة التعبد، ولذلك لا يمكن أن يحمل على ظاهره ولا مفر من إعتباره تعبيرا فنيا، يهدف إلى معنى خفي، غير مباشر، أي أنها رسالة مجازية قبل وبعد كل شيء. ومن هذا الجانب يجب أن نذكر المرسلين أن التعامل مع المرسلات المجازية يقتضى النظر إليها بنظرة - علمانية - مجردة لا تفرق بين المقدس والمكدس، ولا بين تلاوة نص قرآني وبين (غناوة علم مكي). الرسالة، من حيث الأثر، هي بكل بساطة إذا قرر القذافي الإبقاء على سجين، فلن يحول أحد دون ذلك، وإذا قرر الإفراج عن سجين، فلن يقف في طريقه أحد، لا عبد الله السنوسي ولا التهامي خالد، وهو الكل في الكل. لا تهتم يا عزيزي المتلقي بتفاصيل الحقيقة، ولا تهتم بماذا حدث ولا لماذا حدث ولا كيف حدث. المهم أن هناك قدرة مطلقة، تسير الأمور بكل عدل، فتبقي من تبقي سجينا وتطلق سراح من تشاء ومتى تشاء، وأما أنت أيها الإنسان المواطن فما عليك إلا بالصلاة والدعاء وإنتظار فتح الفاتح بكامل الصمت والإستسلام، ثم الشكر عليه متى حضر، والهتاف مع المبررين المعتوهين: (كفّارة، كفّارة).

التسميات: , , , ,