ديوان‮ ‬‮ ‬‮رفــ الحصانة ــع ‬

2008-11-16

صحيفة (ليبيا اليوم) ومسؤولياتها عن نشر المسروقات الأدبية

أرسل التعليق أدناه إلى صحيفة (ليبيا اليوم)، تحت عنوان (لكم أن تعدموا الأدلة، ولكن لن تغتالوا الحقيقة)، وسأقوم لاحقا بإكمال تحريره ليحتوي الروابط والتواريخ، إلخ.

إضافات بعد البارود:

- تمت إضافة الروابط في ١٨\١١.

- ملاحظة: منذ أيام توقف عن العمل موقع (منتديات إتحاد كتاب الإنترنت العرب) الذي نشرت فيه بعض الوثائق المهمة، من بينها إحتجاج الكاتب (محمد الجاغوب) المسروق منه، ورد (الدكتور ابراهيم قويدر) عليه. لا أعلم سبب توقف المنتديات عن العمل الآن، ربما يكون مجرد صدفة... على كل حال، رابط المنتدى فيما يلي لا يعمل الآن وقد يبقى عاطلا، ولكن المواد الهامة سبق نسخها من ذلك المنتدى ويمكن أن يطلع عليها القراء هنا على الديوان ضمن التعليقات.

************************

لكم أن تعدموا الأدلة، ولكن لن تغتالوا الحقيقة

هذه مسودة مقالة سيتم إدراجها بعد إكمالها في (ديوان _رفع الحصانة_)، أينما يمكن للقراء أن يجدوا المزيد من الأدلة والحقائق المحيطة بهذه القضية. وننبه القراء أن هذا التعليق أرسل مرتين، ليتم نشره تحت النسخة أعلاه من إعلان (ليبيا اليوم) وتحت النسخة المكررة في قسم (آفاق ليبيا اليوم)، وسوف نصل إلى المغزى من تكرار الإعلان، في ضوء الحقائق والآراء التي نقدمها حول هذه القضية.

ملخص الأحداث التي أدت بنا إلى هنا:

١. ليبيا ليوم ليس لها سياسة معلنة للنشر، لتبين من خلالها حقوق وواجبات الكاتب والناشر. هذا لا يعني أنها لا تتحدث هنا وهناك عن هذه المواضيع، ولكن هل هناك سياسة واضحة المعالم مثل سياسة (ليبيا اليوم) فيما يخص الإعلانات التجارية\الربحية؟ لماذا لايكون هناك وثيقة ثابتة، واضحة، بارزة مثل أختها التجارية، تحدد (ليبيا اليوم) من خلالها كل ما يعنيها ويعني شركائها في النشر؟

بسبب تغييب سياسة معلنة، لا يمكن للقاريء الموضوعي أن يحدد نصيب (ليبيا اليوم) في الشراكة وفي عائداتها من جميع الجوانب. ليس أمامنا أي دليل يدعم فكرة إذناب الناشر على المستوى الأخلاقي، ولكن ليس هناك ما يبرر إحتمال برائته.

٢. في ظل الغموض والعتمة وإعوجاج المعايير التي تهتم بالشكل ولا تقيم المحتوى نمت جراثيم التدني الأخلاقي التي كان أول ظهور لها في مقالة نسبتها (ليبيا اليوم) للكاتب الثوري (د. محمد الشحومي)، الذي (حط العظم في الرية) عندما إختار لمقالته المسروقة عنوان (مهمة الإعلام الملتزم في عصر العولمة). وتبين من تعليقات القراء أن مقالة صاحب المهمة كانت مسروقة من كتاب آخرين، وقلنا حينها أن تلك الحالة كانت تمثل إمتحان لإدارة (ليبيا اليوم) المتكونة من جماعة إسلامية ليبية، وفرصة ليبين الإعلاميون الإسلاميون مدى إلتزامهم بأخلاقيات المهنة. فماذا فعلوا؟ إنتظروا إلى أن غابت المقالة عن الصفحة الرئيسية، ثم ذهبوا وراء الكواليس وأعدموا مادتها بكامل الصمت، ولكنهم أبقوا على صورة الكاتب وتعليقات القراء. ونبهناهم بتعليق في أوائل أغسطس، رد عليه المحرر بأن ما طرأ على أرشيف الموقع من تغيرات كان بسبب (خلل)، ولكنه لم يجب عندما سئل عن امتناعه عن إعادة إدراج المادة المشبوهة. واستمر الغموض والصمت من أوائل أغسطس إلى أوائل هذا الشهر (نوفمبر)، حينما ذكرت إدارة (ليبيا اليوم) بحادثة الشحومي في سياق تعليقي على جرثومة ثانية، نشرتها (ليبيا اليوم) في ٥ نوفمبر، ونسبتها لأحد كتابها. سنعود إلى هذه المقالة وأخواتها لاحقا، ولكن ما يهم في هذا السياق أن الجماعة الإسلامية الليبية التي تشرف على (ليبيا اليوم) قررت أن تبعث الروح من جديد في مقالة الشحومي، وأعادت إدراجها في السابع من نوفمبر، لتعدمها مرة ثانية (بعد يوم من بعثها) بصحبة صورة السيد الشحومي وحديث المحرر عن الخلل وكل ما سبقه وما لحقه من تعليقات! أي أن مقالة السيد الشحومي أصبحت مثل حكاية المسيحيين عن دراما تبدأ بولادة غير معقولة، ثم إعدام، ثم بعث بعد أشهر، ثم إعدام مرة ثانية، ولذلك يمكن أن نصف مهنية (ليبيا اليوم) بأنها أسطورية -- كيخ كيخ كيخ!

٣. الجرثومة الثانية كانت مقالة نشرتها (ليبيا اليوم) في ٥ نوفمبر تحت عنوان (المعلم أولا) ونسبتها لكاتب تقدمه للقراء بإسم (أ.د. إبراهيم قويدر) وتشهد بإنه (خبير في السياسات الإجتماعية)، (نشط في مكافحة الفساد)، إلخ. وبعد تنبيهات القراء اتضح أن المقالة مسروقة من كاتب فلسطيني، وتبين أيضا أن (ليبيا اليوم) سبق أن نشرت مقالات أخرى مسروقة ونسبتها لنفس الكاتب، إنكشف أمرها في (صحيفة الوطن الليبية)، وكان من بينها على سبيل المثال مقالة مسروقة من صحيفة (الشرق الأوسط) بقلم الكاتب (إياد أبو شقرا). وبعد سيل من الإحتجاجات، من بينها إحتجاج صاحب المقالة {منه نسخة هنا} الذي تتغاضى (ليبيا اليوم) عن ذكره، قامت (ليبيا اليوم) بإعدام المواد المسروقة المشار إليها ونشرت إعلانا لا يمكن أن يحتمل مزيدا من التلاعب بالألفاظ والمفاهيم، لتبدي أسفها عن نشر مقالات لم تقل أنها مسروقة، بل أنها (نسبت لغير كتابها الأصليين). وهكذا نصل إلى إعلان (ليبيا اليوم) وما ينضح به من مغالطات وغموض وما ينقصه من الجانب المهني والأخلاقي.

مسؤولية (ليبيا اليوم) تجاه القراء

إعدام المسروقات يعتبر وقاية لقراء المستقبل، ولكن إعدامها بدون توثيق يعتبر نوع من التزوير يقلل من مصداقية (ليبيا اليوم) ويجهض قيمتها الأرشيفية. مسؤولية (ليبيا اليوم) تقتضي تدوين وتوثيق كل ما يطرأ على أرشيفها من تغيرات، وإلا فهي في مقام من يزور السجلات بعد تدوينها.

المسؤولية تجاه كتاب (ليبيا اليوم)

في الحقيقة، ما قامت به الجماعة الإسلامية المشرفة على (ليبيا اليوم) يعكس بإخلاص كامل مفاهيم المسؤولية في ثقافتهم. فكما قرر أحد المعلقين أن إمتناع (ليبيا اليوم) عن (تعليق الشاه من كراعها) وإلباسها الذنب على من لا ذنب له تحت غطاء (بعض الكتاب)، كل ذلك يعكس بوضوح مفاهيم وممارسات ثقافة الإستبداد التي ينتمي لها السادة المحررون، وقد سبقنا أحد المعلقين بالإشارة إلى أسلوب (ما بال قوم)، وهو أيضا أسلوب التعامل مع شهود محاكمة (عبد الله بن أبي السرح)، الذي نماه وطوره صدام حسين ومعمر القذافي، وأسلوب الهروب من المسؤولية، بالإيحاء والتحريض الغامض من جانب، ومن الجانب الآخر هو أسلوب تقييد القضية ضد مجهول، ضد نكرة يرمز لها بعبارة (بعض الكتاب). قارنوا أقوال إدارة (ليبيا اليوم) بأقوال المنظمة الإجرامية الحاكمة في ليبيا: (ليبيا اليوم) تقول أن ما حدث مجرد حالات (نسب مقالات لغير كتابها الأصليين) بدل أن تقول حالات سرقة أدبية، وبدل أن تحدد حاملي القربة المشروكة، تقول أنهم (بعض الكتاب). ومنظمة القذافي تقول (حدثت تجاوزات من بعض الثوريين في المرحلة الإستثنائية)، وكلاهما يحجب الأدلة ويخفيها ويعدلها ويعدمها ويبعثها حية ليعدمها من جديد، وكل ذلك يسمونه شفافية وعدالة ومهنية وووو.

مسؤولية (ليبيا اليوم) تجاه أصحاب المواد المسروقة والجهات التي نشرتها

إعدام المواد المسروقة يمثل أضعف الإيمان، فهو سلوك يعالج الجانب القانوني فقط ولا يتعامل مع الجانب الأخلاقي الذي يقتضي الإعتذار الصريح للجهات، أفراد ومنظمات، التي تم إنتهاك حقوقها على صفحات (ليبيا اليوم) وضمن برامج عملها وبإدارة القائمين عليها. إعلان (ليبيا اليوم) فاقد لأدنى إعتبار لحقوق الكتاب والناشرين المسروق منهم.

الخلاصة

إدارة (ليبيا اليوم) لا تفهم الفرق بين (السرقة الأدبية) وبين (إنتهاك حقوق الطبع)، ولا أظن أنهم يفهموا أن الصحف المحترمة لا تنشر ودائع أدبية وإنما تنشر فقط ما تملك حقوق نشره. ويظهر جهل إدارة (ليبيا اليوم) في هذا الصدد عندما تعيد نشر مقالة ما وتقول أنه سبق نشرها في كذا وكذا، وأن إعادة نشرها تمت بموافقة الكاتب. وما علاقة الكاتب بحقوق الطبع؟ يا أهل (مهنية إغيتال الحقيقة بإعدام الأدلة): أن تنسب مقالا لغير مالكه، فهذا إنتهاك لحقوق الطبع، أما أن تنسخ نصا أو حتى فكرة فذلك يسمى (سرقة أدبية) وهو عمل قد يتضمن إنتهاك حقوق الطبع ولكن ليس بالضرورة، كأن تكون المواد المسروقة غير خاضعة لحماية قانونية. وأنتم لم تتعاملوا مع هذه القضية بشفافية ووضوح، بل تلاعبتم بالأدلة وتلاعبتم بالألفاظ، وأشركتم كتابكم في ذنب لا علاقة لهم به، واعترفتم بتغيير أرشيفكم بدون توثيق.

ومن هذه الخلفية يمكننا الآن أن نفهم السبب وراء نشر إعلان أسفكم في مقالتين منفصلتين. الهدف هو تركيز ردود أفعال المعلقين في النسخة التي على رأس الصفحة الرئيسية، مع تجاهلهم للنسخة الأخرى المنشورة في قسم (آفاق ليبيا اليوم). وبعد مدة، تهدأ العاصفة، وتسقط نسخة الصفحة الرئيسية بالتقادم وتنزوي وراء الكواليس ليلحقها (زوار الظلام) ويضعوا كاتم الصوت على بنادقهم ويعدموها سرا مثلما أعدموا الذين من قبلها، وكل ذلك يتم تحت شعارات الشفافية والمسؤولية والمعايير المهنية. ما أبعد الشفافية على ثقافة الجلابيب!

التسميات: ,

2008-11-13

صحيفة (ليبيا اليوم) تنشر مقالات مسروقة من جريدة (الشرق الأوسط) ومصادر أخرى

أرسلت التعليق التالي إلى صحيفة (ليبيا اليوم) تحت مقالة تحمل عنوان (فرص بوش.. المحدودة) نشرتها الصحيفة في ١٨\٩\٢٠٠٨ ونسبتها إلى الكاتب (أ. د. إبراهيم قويدر)، وهي في حقيقة الأمر مطابقة حرفيا لمقالة نشرت في صحيفة (الشرق الأوسط) قبل سرقتها بشهرين. وهذه حالة أخرى تضاف إلى سوابقها في سجل صحيفة (ليبيا اليوم) للمسروقات الأدبية.


إليكم التعليق الذي أتوقع أن تعدمه (ليبيا اليوم):

**********************

نشرت (صحيفة الوطن الليبية) مقالة يوم ١١\١١ تبين من خلالها أن المقالة أعلاه منتحلة وتمثل نموذجا من السرقة الأدبية، وإليكم الروابط

مقالة (صحيفة الوطن الليبية): http://alwatan-libya.com/default.asp?mode=more&NewsID=2915&catID=23

المقالة الأصلية المسروقة من صحيفة (الشرق الأوسط): http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&article=479674&issueno=10828

السؤال لإدارة (ليبيا اليوم): أنتم مشاركون في عمليات سرقة أدبية متكررة. هل ستتعاملوا مع هذه القضية بأمانة ومهنية، أم أنكم ستعدموا الأدلة مرة أخرى وتصمتوا وكأن شيئا لم يكن؟

للمزيد من التفاصيل حول تعامل (ليبيا اليوم) مع حالات سرقة أدبية أخرى، ندعوكم إلى (ديوان رفع الحصانة) على العنوان الوارد أعلاه بجانب إسم المعلق.

**********************


وفيما يلي نعرض نصوص المقالتين، حيث يظهر النص المسروق باللون الأحمر، ويتضح أن المقالة المنشورة على (ليبيا اليوم) مسروقة بكاملها.





فرص الرئيس بوش.. المحدودة


بقلم: أ.د. إبراهيم قويدر
تاريخ النشر: ١٨\٩\٢٠٠٨
الناشر: صحيفة (ليبيا اليوم)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا ومعلمنا وقائدنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأتباعه الأخيار.....وبعد

حتى لو قضت أصول اللياقة بتغاضي أفرقا النزعات الاقليميه والمحلية في الشرق الأوسط عن الشعور بالإحباط فان هذا هو واقع الأمور الذي يجب الإقرار بها ......

اليوم نسمع همسا عن ((تبديل في الأولويات )) وأحيانا عن ((أعادة تموضع )) وثمة من يتكلم عن تغيير السلوك كبديل عن الحاجة لتغيير الأنظمة .

كبارا وصغارا ،راديكاليين ومحافظين عربا وعجما ممانعين ومتعايشين تراهم يسيرون في اتجاه((تبريد)) الأجواء ....إما ترقبا منهم حدوث شيء ما أو نتيجة لملاحظتهم اختلالا في المعطيات أو شكا في نيات من كانوا يراهنون عليهم .....

وفى هذه الإثناء العالم يسير ولن ينتظر إلى ما لانهاية ، وحتى أولئك الذين خدروا شعوبهم بعدما غسلوا أدمغتهم فما عادوا يخشون منها مساءلة ولا حسابا ، يدركون انه لاشيء يمكن أن يبقى على حاله إلى الأبد ، وسبحانه وحده المغير الذي لا يتغير .

هنا يبدو كم كان باهظا خطأ الإدارة الامريكيه المودعة ، في رفضها نصح أصدقائها ، وأيضا في إهمالها التفاصيل الدقيقة لمشروع مسلح أخرق على مستوى العالم كله كالمشروع الذي أسمته ((الحرب على الإرهاب ))

وما زلنا نتذكر عبارة(( تحالف المريدين )) التي استخدمها الرئيس جورج بوش (الابن ) أمام الراى العام الامريكى لتسويق حملاته التي لم تحظ بإجماع أو تأييد دولي واسع ؟ وأيضا نتذكر أي دول تلك ذات القدرات القتالية الحقيقيه وافقت أن تكون في عداد المريدين باستثناء بريطانيا وبدرجة اقل اسبانيا واستراليا في عهدي حكومتيهما اليمنيتين السابقتين ؟


هذا النوع من الحملات الاحاديه أساسا ما كان يحضى بتأييد عريض حتى في الدول الحليفة لواشنطن وكان بديهيا أن تتعاطى أصوات الاعتراض ، وان ينفرط عقد ( التحالف) عندما يؤدى تجاهل ((شيطان)) التفاصيل إلى أخطاء جسيمة ، كما حدث في أفغانستان والعراق ...

ثم إذا كان بديهيا اعتراض من هم مسحوبون في خانة الدول الحليفة فكيف بالدول المعادية و المنافسة ؟؟بل كيف عندما تتعامل واشنطن مع دول بحجم الصين وروسيا كما لو أنها من دول العالم الثالث فتبتزها اقتصاديا وإنسانيا وامنيا من دون أن تقيم وزنا لتحفظاتها أو تأبه لتحسسها من قضايا تعتبرها مصيريه ؟


إزاء هذه الخلفية ومع العد التنازلي لعهد الإدارة الحالية ، أمام الرئيس بوش فرص محدودة لتغيير الحقائق على الأرض ما لم تحصل مستجدات مفاجئة .

فهو لايستطيع دستوريا زيادة مدة تواجده في الرئاسة ويتعذر عليه قبل اشهر معدودات من الانتخابات الرئاسية المقبلة زج أميركا في مغامرة جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، مع انه ربما يود لو يورط الديمقراطيين – إذا كسبوا (البيت الأبيض ))- بسيل من المشاكل المعقدة .

وهذا يعنى أن المجالين الوحيدين المفتوحين إمامه بين اليوم وشهر نوفمبر المقبل هما :

أولا:تحسين فرص فوز المرشح الجمهوري جون ماكين أمام منافسه الديمقراطي باراك اوباما

ثانيا: السعي لمنع خسارة الجمهوريين في السيطرة على مجلسي الكونغرس حتى إذا تغلب اوباما على ماكين

الشخصيات المعتدلة في الحزب الجمهوري ترى أن أفضل خدمة تقدمها الإدارة الحالية لماكين هي إبعاده عن أرث بوش حتى ولو رغب ماكين بالتشدد اعتزازا بماضيه العسكري ..... ومن هنا يجوز قراءة المقاربة الجديدة لوزارة الخارجية الامريكيه – ( التي همش دورها إبان صعود ساسة البنتاغون ) في موضوع الملف النووي الايرانى .... حتما المسألة غير محسوبة بالمطلق لكن الثابت أن مقاربات التيار البرغماتيكى المعتدل في واشنطن تعيش ألان أياما طيبة على الأقل لطمأنة الناخب الامريكى إلى انه لا نية للغرق من جديد بمغامرات خارجية أخرى غير محسوبة العواقب .

الجميع أمام تحدي «تبريد» الأجواء مع المحافظة على الثوابت

بقلم: إياد أبو شقرا
تاريخ النشر: ٢١\٧\٢٠٠٨
الناشر: جريدة (الشرق الأوسط)





حتى لو قضت أصول اللباقة بتغاضي أفرقاء النزاعات الإقليمية والمحلية في الشرق الأوسط عن الشعور بالإحباط، فإن هذا هو واقع الأمور الذي يجب الإقرار به.

اليوم نسمع همساً عن «تبديل في الأولويّات»، وأحياناً عن «إعادة تموضع». وثمة مَن يتكلم عن «تغيير السلوك» كبديل عن الحاجة لتغيير الأنظمة.

كباراً وصغاراً، راديكاليين ومحافظين، عرباً وعجماً، «ممانعين» و«متعايشين»، تراهم يسيرون في اتجاه «تبريد» الأجواء.. إما ترقباً منهم حدوث شيء ما، أو نتيجة لملاحظتهم اختلالاً في المعطيات أو شكاً في نيّات من كانوا يراهنون عليهم.

وفي هذه الأثناء، العالم يسير ولن ينتظر إلى ما لا نهاية. وحتى أولئك الذين خدّروا شعوبهم بعدما غسلوا أدمغتها فما عادوا يخشون منها مساءلةً ولا حسابا، يدركون أن لا شيء يمكن ان يبقى على حاله إلى الأبد، وسبحانه وحده المغيّر الذي لا يتغيّر.

هنا يبدو كم كان باهظاً خطأ الإدارة الأميركية المودِّعة في رفضها نصح أصدقائها، وأيضاً في إهمالها التفاصيل الدقيقة لمشروع عداء حضاري مسلّح وأخرق على مستوى العالم كله.. كالمشروع الذي أسمته «الحرب على الإرهاب».

أما زلنا نتذكر عبارة «تحالف المُريدين» Coalition of the Willing التي استخدمها الرئيس جورج بوش «الابن» أمام الرأي العام الأميركي لتسويق حملاته التي لم تحظ بإجماع أو تأييد دولي واسع؟ ألا نتذكر أي دول تلك ذات القدرات القتالية الحقيقية وافقت على أن تكون في عداد «المُريدين» باستثناء بريطانيا.. وبدرجة أقل إسبانيا وأستراليا في عهدي حكومتيهما اليمينيتين السابقتين؟

هذا النوع من الحملات، «الأحادية» أساساً، ما كان يحظى بتأييد عريض حتى في الدول الحليفة لواشنطن. وكان بديهياً أن تتعالى اصوات الاعتراض، وأن ينفرط عقد «التحالف» عندما يؤدي تجاهل «شيطان» التفاصيل إلى أخطاء جسيمة، كما حدث في أفغانستان والعراق.

ثم إذا كان بديهياً اعتراض مَن هم محسوبون في خانة «الدول الحليفة»، فكيف بـ«الدول المعادية» أو «المنافسة»؟ بل كيف عندما تتعامل واشنطن مع دول بحجم الصين وروسيا كما لو انها من دول «العالم الثالث» فتبتزّها اقتصادياً و«إنسانياً» وأمنياً من دون أن تقيم وزناً لتحفظاتها أو تأبه لتحسّسها من قضايا تعتبرها مصيرية؟

إزاء هذه الخلفية، ومع العد التنازلي لعهد الإدارة الحالية، أمام الرئيس بوش فرص محدودة لتغيير الحقائق على الأرض ما لم تحصل مستجدات مفاجئة.

فهو - أولاً - لا يستطيع دستورياً الترشح لفترة ثالثة، وثانياً يتعذّر عليه قبل أشهر معدودات من الانتخابات الرئاسية المقبلة زجّ أميركا في مغامرة جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع أنه ربما يودّ لو يورّط الديمقراطيين ـ إذا كسبوا «البيت الأبيض» ـ بسيل من المشاكل المعقدة. وهذا يعني أن المجالين الوحيدين المفتوحين أمامه بين اليوم ومطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل هما: أولاً، تحسين فرص فوز المرشح الجمهوري جون ماكين أمام منافسه الديمقراطي باراك أوباما. وثانياً، السعي لمنع خسارة الجمهوريين السيطرة على مجلسي الكونغرس حتى إذا تغلّب أوباما على ماكين.





الشخصيات «المعتدلة» في الحزب الجمهوري ترى أن أفضل خدمة تقدمها الإدارة لماكين هي إبعاده عن «إرث» بوش حتى لو رغب ماكين بالتشدّد اعتزازاً بماضيه العسكري. ومن هنا يجوز قراءة المقاربة الجديدة لوزارة الخارجية الأميركية -ـالتي هُمِّش دورها إبان صعود ساسة البنتاغون ـ للملف النووي الإيراني.

حتماً، المسألة غير محسومة بالمطلق. لكن الثابت أن مقاربات التيار «البراغماتيكي المعتدل» في واشنطن تعيش أياماً طيبة الآن، على الأقل، لطمأنة الناخب الأميركي إلى أنه لا نية للغرق بمغامرة خارجية أخرى غير محسوبة العواقب. وهذا، مع أن أميركا «قوة عظمى» تتحمل نكسة من هنا وأخرى من هناك بعد مغامرات خارجية أكثر طموحاً مما ينبغي.

إيران، في المقابل، تقرأ هذا الوضع بعناية. وهي أيضاً بينما تناور وترفع صوتها، توجّه رسائل غير مباشرة رغبةً بالحوار. وهنا كذلك، ثمة تمازج بين استراتيجية كسب الوقت لتحقيق الهدف الثابت من جهة، وتكتيك طمأنة من لا حاجة لإثارة غضبهم من جهة أخرى.

ثم هناك إسرائيل و«اللوبي الإسرائيلي» الناشط أميركياً وأوروبياً. إسرائيل لديها هواجس أمنية، قد تكون تلك التي تُكثر التكلم عنها وقد لا تكون، لكنها تبقى هواجس أمنية مفهومة يُمليها الاحتلال والقمع المتطاولان والهروب الدائم إلى الأمام والسعي للمحافظة على انسجام مجتمع فيه العديد من عوامل التفسخ والاستقطاب الثقافي والعرقي. وهي أولاً وأخيراً تقاتل عدواً لا يرحم اسمه «الديموغرافيا».

بعض الساسة الإسرائيليين ـ وأصحابهم ـ يحاولون إقناع العالم بأن ثمة أملاً بفرط «التحالف» الراهن بين إيران وسورية، وبأن إيران وامتداداتها «عدوّ» زنيم لإسرائيل. غير أن نجاح هذا الرهان يعني فتح معركة بين سورية «ما بعد الممانعة» والملتزمين بـ«التحرير» الذي هو أساس «شرعية» التوسّع الإيراني في العالم العربي. وعند هذه النقطة قد تصبح «النبرة المعتدلة» المستجدة عند «حزب الله» اللبناني أقرب إلى الفهم. فذكريات قدامى «الحزب» ما زالت حية بالنسبة للتعامل السوري القديم معه، وهذا إذا نُسي الغموض المحيط حالياً باغتيال الحاج عماد مغنية.

أما بما يتعلق بـ«التبريدين» الشيعي ـ السني والشيعي ـ الدرزي اللذين حملهما الأسبوع الفائت للبنان فهما يندرجان، ويجب أن يندرجا، ضمن الحاجة إلى الذهن المفتوح وحفظ خطوط الرجعة من دون التفريط بالثوابت المتعلقة بمشروع «الدولة». والأمل وطيد بأن تكون قوى «14 آذار»، بكل مكوّناتها الفئوية والطائفية، التي خذلتها مراراً خلال السنتين الأخيرتين قناطير الدعم الكلامي الفارغ قد نضجت تجربتها، وغدت أكثر إدراكاً لثوابتها وأدرى بعالم المصالح ورياح المساومات العاتية، بفضل تنوعها التنظيمي وتلّون منابعها الفكرية . وليس على الرغم منهما.

التسميات: ,

2008-11-06

نماذج من الإلتزام والأمانة لدى الإسلاميين

نشرت براكة (ليبيا اليوم) هذا الأسبوع مقالة بقلم الكاتب (أ.د. إبراهيم قويدر)، وقد تبين لنا أن هذه المقالة مطابقة لمقالة أخرى سبق نشرها في فبراير من العام الماضي بقلم كاتب يدعى (د. محمد عبد الرحمن الجاغوب). وفيما يلي نعرض أمامكم المقالتين جنبا إلى جنب لتسهيل المقارنة للباحثين عن الحقيقة. ويمكنكم الإطلاع على تعليقاتنا وعلى ردود الفعل في موقع (ليبيا اليوم). كل ما يظهر باللون الأحمر في نص السيد قويدر، المنشورة هذا الشهر، يتطابق حرفيا مع ما ورد في مقالة السيد الجاغوب في فبراير من العام الماضي.





المعلم أوَّلا
05/11/2008
أ.د. إبراهيم قويدر


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومعلمنا وقائدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم

إن المعلم أمة في رجل، ومهنة التعليم ما زالت تحوطها هالة من القداسة، فهي مهنة الأنبياء والرسل، وحيثما يُذكر المصلحون الاجتماعيون فالمعلمون يأتون على رأس القائمة.

وإذا نظرنا إلى الموروث الأدبي والشعبي في ذاكرة الأمة العربية والإسلامية- وفي مجتمعنا الليبي خاصة- نجده مليئًا بالشواهد الحيوية الدالة على ذلك، وفي الآونة الأخيرة ازدادت أهمية المعلم، وفي وقتنا الحالي يزداد الاحتياج إلى دور أكثر فاعلية له، فوظيفته لم تعد تقتصر على نقل المعلومات إلى المتعلمين. بل أصبحت تتطلب ممارسة دوره القيادي، وأيضًا التخطيط للتدريس وتصميمه والإشراف عليه، ووضع أسس مناهج البحث العلمي وفقا للأساليب العلمية الحديثة، كذلك الإسهام الفعال في التشكيل الثقافي والأخلاقي للمجتمع، ولشخصيات المتعلمين خاصة.

هذا هو الوضع الصحيح والسوي، الذي يجب أن نتكاتف من أجله؛ لكن المتأمل لأوضاع المعلم العربي في الوقت الراهن يرى صورة ضبابية لمكانة المعلم، نراها تتصدع ويعتريها الذبول، ومن يأخذ على عاتقه مسئولية تحليل هذه الأوضاع يستطيع أن يلمح بجلاء مظاهر تدني تلك المكانة، تتمثل في عدة نقاط منها:

- تدني رضا المعلم عن واقعه المهني، مما ينعكس سلبا على نفسيته، فيسيطر عليه الشعور بالإحباط وخيبة الأمل، ويحس دائما بأن آماله ومشروعاته في مهب الريح، وعلى الرغم من بساطة تلك الآمال إلا أنه ينظر إليها على أنها غير قابلة للتحقيق.

- تردي الأوضاع المادية للمعلمين التي تجبر الكثير منهم على الانجرار وراء الهوس الدائم عن الثروة- في بعض الأحيان- على حساب القيم الإنسانية التي يفترض أن يناضلوا من أجلها، كما يفعل الملتزمون منهم، فنرى البعض يمارس أعمالًا إضافية لا تليق بمركزه العلمي والاجتماعي، وبذلك ينطبق عليه قول القاضي الجرجاني:

لو أن أهل العلم صانوه صانهم *** ولو عظموه في النفوس تعظما
ولكن أهانوه فهانـوا، ودنَّسـوا *** مُحيَّـاه بالأطمـاع حـتى تجهـمـا

وإلا ما معنى أن يعمل بعض المعلمين خارج أوقات عمله: بائعا أو سائقا أو سمسارا في السوق أو مدرسا خصوصيًّا، يطرق أبواب بيوت الطلبة عارضا بضاعته عليهم وملتمسا فتات رزقه من بقايا موائدهم.

- إن سيادة مفهوم ارتباط مسألة الاحترام والتقدير الاجتماعي للمهنة بمقدار ما يكسبه صاحبها من مال وثروة، جعل العديد من الناس في مجتمعاتنا لا يحترمون غير من يملك المال، ولما كان وضع المدرسين المالي في مرتبة أقل الناس مالا؛ فإنهم بلا شك بدءوا يواجهون معضلة عدم احترامهم وتقديرهم من قِبَل بعض أفراد المجتمع، وهذا للأسف وضع مغاير كثيرًا لمنطق الأشياء.

- كذلك فإن توقف المعلمين عن التنمية الذاتية لأنفسهم بالقراءة والاطلاع ومتابعة التحصيل الجامعي- لدرجة أن الواحد منهم لم يعد يقرأ كتابًا واحدًا في السنة ولا حتى صحيفة في اليوم- أثر سلبا على مكانتهم العلمية. وهذا التوقف عن التطوير والتنمية الذاتية أفقدهم بالتدريج احترام وتقدير المثقفين والمتعلمين من أفراد المجتمع إلى حد كبير.

- كما أن تخلي المؤسسات التربوية ودوائر اتخاذ القرار عن دعم المعلم وحمايته ومؤازرته معنويًا وماديًا، وأيضًا مع حرمانه من بعض الامتيازات التي تشد أزره كالمشاركة في اتخاذ القرارات التربوية، أو المشاركة في تصميم المناهج وبنائها وقرارات النجاح والرسوب، وكذلك حرمانه من البعثات والدورات التدريبية التي تشحنه بالمعرفة والخبرة، كل هذا أدى إلى إضعاف ثقة المعلم بنفسه وزلزل مكانته وقوَّضها بل وهشمها، وجعله عرضة للاعتداء والتجريح من قِبَل الجهلة وضعاف النفوس من الناس.

إن الأمم- يا ساداتي- لا تعرف سبيلا مضمونًا إلى النهوض والتقدم والرفعة سوى التعليم، تلك حقيقة بديهية أكدها رواد وخبراء التعليم وكبار المفكرين في العالم، وعلينا أن نعترف أن أحوال التعليم في ليبيا لا تسرنا، وإذا كنا جادين حقًا في إنقاذ منظومة التعليم في بلادنا فينبغي أن نركز اهتمامنا في الأساس على حسن إعداد المعلم وتكريمه ووضعه في المقام اللائق به وبمهنته المقدسة.

وما أطالب به هنا ليس ترفا أو بدعًا، وإنما هي شروط ضرورية لأي إصلاح أو نهوض مأمول؛ حيث أكدت تجارب دول عديدة كانت خلفنا- سواء على المستوى العربي أو حتى الليبي، لكنها سبقتنا بخطوات واسعة في مسيرة التقدم والتطور- أن الاهتمام بالتعليم والمعلم هو الركيزة الأساسية لأي تقدم... ولعل تجربة ماليزيا في ظل قيادة زعيم نهضتها مهاتير محمد الذي منح التعليم وتطويره هدفه الأساس، واعتمد في تنفيذه على المدرس كعمود فقري للعملية التعليمية- خير دليل على ما قلناه.

إن الواقع المرير والمتأزم الذي تعيشه طبقة المعلمين يتطلب وقفة جادة وإجراءات عملية شجاعة أبرزها ما يلي:

- وضع شروط صارمة ومعايير دقيقة على تسجيل وقبول الطلبة في الكليات التي تقوم بتخريج المعلمين.

- تحسين الوضع المادي للمعلمين كي يتفرغوا للعملية التعليمية.

- تشديد الرقابة الوظيفية والإدارية على ممارسة المعلمين لأدوارهم؛ للتحقق من مدى التزامهم بأخلاقيات المهنة.

- توفير الإعداد والتدريب والتطوير المهني، الذي يشحذ أسلحة المعلمين العلمية والمهنية، ويعزز صمودهم في مواقعهم، ويعينهم على أداء أدوارهم، ويحسن من أساليبهم في التحضير والبحث ونقل المعلومات، مما يزيد من ثقتهم بأنفسهم.

- بناء اتجاهات إيجابية للمعلمين لممارسة دورهم كقادة تربويين صانعين للتغيير، فبسواعدهم يتحقق تطوير التعليم ورقي المجتمع، بالإضافة إلى دعم المجتهدين والمبدعين منهم، وذلك: بتبني إبداعاتهم وكتاباتهم ونشر مؤلفاتهم.

هذا ما تتبعه الدول الساعية للإصلاح والرقي بأبنائها ومستقبل أجيالها، أما إهمال المعلم واضطهاده ثم إذلاله وإهدار كرامته عبر برامج «الملاك الوظيفي» الفاشل منهجًا وتطبيقًا، فذلك عار يجب أن نتخلص منه حتى لا ندق بأيدينا مسمارا جديدا في نعش العملية التعليمية!!

وختاما؛ فهذا غيض من فيض، مما يصف واقع المعلمين ومعاناتهم، ومما يمكن أن يُقدم لهم؛ لرد بعض جميلهم على أبنائنا وفلذات أكبادنا- من أجل أن يكونوا قادرين على أداء دورهم على مسرح الحياة بشكل صحيح، وعلى أداء واجبهم في بناء مجد ليبيا ورفعتها، والله من وراء القصد.

المكانة الاجتماعية للمعلم العربي
01/02/2007
د. محمد عبد الرحمن الجاغوب

مكان النشر:
عدة مواقع، من بينها
(التجديد العربي)، (الموقع الخاص بالسيد الجاغوب)، (دنيا الوطن)، (مجلة أقلام الثقافية)، (مجموعة إتحاد كتاب الإنترنت العرب)، ...


السادة المحترمون مجلس التربية والتعليم:

إن المعلم أمة في رجل، ومهنة التعليم تحوطها هالة من القداسة منذ القدم، فهي مهنة الأنبياء والرسل، وحيثما كان يذكر المصلحون الاجتماعيون كان المعلمون يأتون في رأس القائمة، والموروث الأدبي والشعبي في ذاكرة الأمة مليء بالشواهد والأدلة على ذلك، ومما يزيد من أهمية دور المعلم في وقتنا الحاضر أن وظيفتهلم تعد تقتصر على نقل المعلومات إلى المتعلمين، بل إنها أصبحت تتطلب منهممارسة دور القيادة والتخطيط للتدريس وتصميمه والإشراف عليه والبحث العلمي، والتشكيل الأخلاقي والثقافي لشخصيات المتعلمين.

هو الوضع الصحيح والسوي، لكن المتأمل لأوضاع المعلم العربي في الوقت الراهن لا يعجزه أن يرى بوضوح مكانة المعلم وهي تتصدع ويعتريها الذبول، فمن يأخذ على عاتقه مسؤولية تحليل هذه الأوضاع يستطيع أن يلمح بجلاء مظاهر تدني تلك المكانة، ومنها:

تدني رضا المعلم عن واقعه المهني ينعكس سلبا على نفسيته، فيسيطر عليه دائما شعور بالإحباط وخيبة الأمل، ويحس بأن آماله ومشروعاته في مهب الريح ، وأنها غير قابلة للتحقيق، نراه يتردد على مدرسته كل صباح ولسان حاله يقول:

لو جرب التعليم شوقي مرة ***لقضى الحياة شقاوة وخمولا

يا من تريد الانتحار وجدته ***إن المعلم لا يعـيش طويلا

تردي الأوضاع المادية للمعلمين تجبر كثيرا منهم على الانجرار وراء هوس البحث الدائم عن الثروة على حساب القيم الإنسانية التي يفترض بهم أن يناضلوا من أجلها، فنراهم يمارسون أعمالا إضافية لا تليق بمركزهم العلمي والاجتماعي، وبذلك ينطبق عليهم قول القاضي الجرجاني:

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم***ولو عظموه في النفوس تعظما

ولكن أهانوه فهانوا، ودنسوا***محياه بالأطماع حتى تجهما

وإلا ما معنى أن يعمل بعض المعلمين خارج أوقات عمله بائعا أو سائقا أو سمسارا في السوق،أو مدرسا خصوصيا يطرق أبواب بيوت الطلبة عارضا بضاعته عليهم، وملتمسا فتات رزقه من بقايا موائدهم.

ارتباط مسألة الاحترام والتقدير الإجتماعي للمهنة بمقدار ما يكسبه صاحبها من مال وثروة، فالناس في مجتمعاتنا العربية باتوا لا يحترمون غير الآغنياء وأصحاب الثروات، ولما كان المعلمون من أقل الناس إيرادا ماليا فإنهم ولاشك سيكونون الأقل احتراما وتقديرا من قبل أفراد المجتمع، وهذا وضع مغاير لمنطق الأشياء.

إن توقف بعض المعلمين عن التنمية الذاتية لأنفسهم بالقراءة والاطلاع ومتابعة التحصيل الجامعي، لدرجة أن الواحد منهم لم يعد يقرأكتابا واحدا في السنة ولا حتى صحيفة في اليوم، هذا التوقف عن التنمية الذاتية يؤثر سلبا على مكانتهم العلمية، ويفقدهم تقدير المجتمع إلىحد كبير.

بروز مهن أخرى في المجتمع تكسب أصحابها مالا وجاها وحصانة واحتراما كالطب والهندسة والمحاماة، مثل هذه المهن خطف بريقها احترام المعلمين وتقديرهم، وجعلهم إلى حد ما دون غيرهم في النظرة، وباتوا لا يعبأ بهم أحد، لا في الاستقبال ولا في التوديعأو التشييع، ولا حتى في التزويج والمصاهرة.

تطاول وسائل الإعلام المختلفة وعلى رأسها القنوات التلفزيونية على المعلمين، وسخريتها منهم في أفلامها ومسلسلاتها ومسرحياتها، وتصويرهم في أسوأ حال، هذا التطاول وهذه السخرية تضعف من هيبة المعلمين أمام طلبتهم وأمام أفراد المجتمع.

تخلي المؤسسات التربوية والحكومات عن دعم المعلم وحمايته ومؤازرته، ثم حرمانه من بعض الامتيازات المادية والمعنوية التي تشد أزره، كالمشاركة في اتخاذ القرارات التربوية أو المشاركة في تصميم المناهج وبنائها وفي قرارات النجاح والرسوب، وحرمانه من البعثات والدورات التدريبية التي تشحنه بالمعرفة والخبرة، كل هذا يضعف ثقة المعلم بنفسه، ويزلزل مكانته ويقوضها ويهمشها، ويجعل المعلم عرضة للاعتداء والتجريح من قبل الجهلة وضعاف النفوس من الناس

البترول العربي وما تسبب به من طغيان للحياة المادية، وشيوع لحياة البذخ والتركيز على العمران والاتصال والسياحة والسفر وانتشار ثقافة التبذير والإسراف والتسوق، كل هذا يتناقض مع رسالة المعلم التربوية والخلقية ويجعله يغرد بعيدا خارج السرب فلا يأبه لغنائه ولا لنواحه أحد من عشاق هذه الثقافة الجديدة.

هذا هو الواقع المرير والمتأزم الذي تعيشه طبقة المعلمين في وطننا العربي الكبير، وهذه هي الأسباب والمظاهر فأين هي الحلول؟ إن الحلول غالبا ما تكون تنظيرا وأحلام يقظة بعيدة عن الواقع ما لم تكن مدعومة بتوجهات جادة من أصحاب القرار وصانعيه في وطننا لإنقاذ مكانة المعلم، وما لم يتولد لدى المعلمين أنفسهم شعور من الثقة بالنفس، وإحساس بالإباء والكبرياء

ومن أجل تحسين النظرة الاجتماعية للمعلم واستقطاب الكفاءات وجذب ذوي القدرات العالية إلى مهنة التعليم لا بد من بعض المقترحات التي قد تعيد للمعلمين شيئا من حقوقهم المستلبة، ومكانتهم الغابرة، ومنها على سبيل المثال:

إقصاء من لا يصلح للمهنة من المعلمين الذين هرمت هممهم وطموحاتهموشاخ تفكيرهم قبل أن تشيخ أجسامهم، وسيطرت عليهم روح الانهزام،فتقوقعوا على أنفسهم وراحوا يقاومون التغيير والتجديد، وينبغي إحلال عناصر جديدة شابة تؤمن بالتطوير والانفتاح وتستطيع استيعاب مستجدات العصر من اللغات الحديثة والتكنولوجيا، وتتقبل آراء الآخرين، هؤلاء هم المعلمون القادرون على تعليم الجيل القادم وإعداده للتكيف مع طبيعة العصر.

وضع شروط صارمة ومعايير دقيقة على تسجيل وقبول الجامعات للطلبة في تخصصات المهن التعليمية، بحيث لا يلتحق بهذه الكليات إلا أصحاب المعدلات والمجاميع العالية من الطلبة، كي لا يتسرب إلى مهنة التعليم معلمون ضعاف ممن يتخذونها مصدرا لكسب الرزق لا أكثر.

تحسين الوضع المادي للمعلمين ومنحهم امتيازات المسكن اللائق والتنقل المريح والرعاية الصحية والرفاه الاجتماعي وتوفير فرص التعليم لأبنائهم، وإغنائهم عن ممارسة أدوار سلبية كالتكسب في الرزق أو التنفيس عن واقعهم بمعاقبة الطلبة.

تشديد الرقابة الوظيفية والإدارية على ممارسة المعلمين لأدوارهم، للتحقق من مدى التزامهم بأخلاقيات المهنة، ومن مدىاعتنائهم بالمظهر والهندام اللائق ونظافة الجسد والثوب واللسان، والترفع عن تقريع الطلبة وأهليهم بالألفاظ السوقية والنابية، التي تتنافيونزاهة المهنة وشرفها.

تجنيد الطاقات الإعلامية لامتداح المعلمين وإعلاء شأنهم وإجراء المقابلات معهم، وإشراكهم في الندوات والحلقات المتلفزة والحوارات التي تهم المجتمع وتزيد من التوعية بأهمية دور المعلمين، والكف عن السخرية منهم والانتقاص من دورهم.

توفير الإعداد والتدريب المهني الذي يشحذ أسلحة المعلمين العلمية والمهنية، ويعزز صمودهم في مواقعهم ويعينهم على أداء أدوارهم،ويحسن من أساليبهم ويزيد من ثقتهم بأنفسهم.

إشراك المعلمين في عمليات تصميم المناهج وبنائها، والتخطيط الاستراتيجي للتدريس والامتحانات والبحث العلمي، وإفساح المجال لهم للمشاركة في حل بعض المشكلات التي تواجه المجتمع.

بناء اتجاهات إيجابية لدى المعلمين نحو دورهم كقادة تربويين صانعين للتغيير، وساعين إلى تجويد التعليم بالابتعاد عن ممارسة التعليم بأساليب تقليدية، وعن ممارسة العقاب البدني والنفسي للطلبة وبأسايب غير إنسانية، ومن ثم الأخذ بأيديهم إلى أعلى درجات التحصيل والتفوق والإبداع العلمي والأدبي.

دعم المجتهدينوالمبدعين من المعلمين وذلك بتبنيإبداعاتهم وكتاباتهم ونشر مؤلفاتهم، و إجراء مسابقات سنوية تبرز إنتاجهم العلمي والأدبيوالتربوي،وتكريم الفائزين منهم بشتى الوسائل الممكنة، وفي ذلك تعزيز لمكانتهم بين أبناء مجتمعهم، وبث لروح الثقة بأنفسهم.

وبعد، فهذا غيض من فيض، مما يصف واقع المعلمين العرب ومعاناتهم، وما يمكن أن يقدم لهم لرد بعض جميلهم على أبنائنا وفلذات أكبادنا، ومن أجل أن يكونوا قادرين على أداء دورهم على مسرح الحياة بشكل صحيح، وعلى أداء واجبهم في بناء مجد الأمة ورفعتها، والله من وراء القصد.



التسميات: ,