هذا رأي أرسلته كتعليق على موضوع في مدونة براكة (ليبيا اليوم)،
وقد قاموا بنشره مشكورين.
أعزائنا في براكة (ليبيا اليوم):
مرحبا بكم على الطريق المزدوج--أخيرا! وبالنظر إلى أحادية المسار في زنقتكم، أرجو أن تسمحوا لي بإبداء رأي معاكس حول هذه القضية، خاصة حول وجهة الخطاب الصادر عن عائلات الأطفال المصابين.
الكارثة الإنسانية التي أصابت أطفال مستشفى بنغازي وآبائهم لا يستطيع أن ينكرها أحد ولا يمكن تجاهلها ومدى هولها المرتقب. ولاشك أن الرأي العام في الدول الغربية لم يتعامل مع هذه الكارثة بإنصاف، خاصة بالمقارنة مع موقف الشارع الغربي من كوارث مشابهة مثل كارثة الأطفال المصابين في ملاجيء رومانيا.
أما موقف الرأي العام العالمي والحكومات من جهاز القانون والقضاء في ليبيا فهو أمر مختلف تماما. في الذاكرة الدولية، لم تعرف ليبيا بوقوف قضاتها ولا محاميها دفاعا عن مسؤوليتهم وإختصاصهم في تثبيت الأمن وحماية حقوق المواطن أولا وأخيرا. ولم يشهد العالم إحتجاج القضاة على المحاكم الهزلية أو ما يسمى في ليبيا بالمحاكم المتخصصة والشعبية وغيرها من المسميات. وأين نظام القضاء من تسليم مواطنين ليبيين في قضية لوكربي بدلا عن محاكمتهم في ليبيا؟ وأين كان القضاة والمحامون وغيرهم من إهدار موارد الدولة ثم تسليم الخردة الباقية لأمريكا؟ وغير ذلك كثير وظاهر للعيان، وربما أقرب مثال نجده في صمت السيد جمعة عتيقة، موظف منظمة القذافي، حول قضية الإخوان التي إكتفى فيها بالدفاع عن نزاهة المحكمة التي ثبتت فيما بعد إجرام موكليه.
من وجهة نظر دولية، ليبيا دولة مجرمة ومدانة مرارا وتكرارا في جرائم إرهابية ضد الإنسانية، يجب أن نقارن وضعها بوضع ألمانيا واليابان بعد هزيمة الحرب العالمية الثانية. وعلى المستوى السياسي، ليبيا تتحكم فيها قيادة مهزومة تم القبض عليها وإيداعها بصفة مؤقتة فيما يعرف في أمريكا ببرنامج حماية الشاهد. كيف نتوقع من الأمريكان أن يحترموا دولة أدانوها وأرغموها على الإعتراف علنا بجرائمها على لسان ممثليها في هيئة الأمم المتحدة ثم على لسان قائدها في قاعة مؤتمر الشعب العام وبحضور شهود من الكونغرس. وإذا كان جهاز القضاء الليبي لا يحظى حتى بإحترام دولته وقيادتها المهزومة، فهل يعقل أن يحترمه المنتصرون؟ لا، لن يكون ذلك، للأسف، بل علينا أن نتوقع قائمة طويلة من الإهانات التي تجلبها هزيمة الدولة وإستسلام قيادتها.
لا يفاجئنا وإن آلمنا القول بأن نظام القضاء الليبي ليس جديرا بالإحترام، وأن أقوى أدلة على ذلك تجدها في داخل ليبيا، بل في قمة المنظمة الإجرامية التي تقود الدولة وتتلاعب بجميع مرافقها وأجهزتها بدون إستثناء. ولذلك أظن أن توجيه الخطاب نحو أهداف سياسية لن يكون له جدوى على المستوى الدولي، ومن الأفضل أن تقدم القضية بشكل إنساني بحت يستهدف توعية الرأي العام الدولي، ليس في أمريكا فحسب، بل حتى في اليابان وألمانيا، ليدرك الجميع حجم المأساة الإنسانية بإنفصال تام عن الدولة الليبية وسوابقها الإجرامية.
التسميات: الأيدز