ديوان‮ ‬‮ ‬‮رفــ الحصانة ــع ‬

2006-11-03

حوار آخر بين علماني حائر وإسلامي ناكر

مع إنتشار ما يسمى (المدونات) باللسان المتجلط تعودنا على قراءة بعضها وشد إنتباهنا أن البعض من أهل المدونات يتظاهرون بالإنفتاح ومنح الفرص لمن يخالفهم الرأي أن يدلي برأيه وتعليقه. فما كان منا إلا أن إختبرنا تخريجات هؤلاء المستجدين عسى أن يكون من بينهم من هو قادر حقا على الحوار ومؤهل له علميا. وإليكم هذا النموذج أدناه كمثال لحوارنا مع السيد صلاح الشلوي، أحد الكتاب البارزين من حزب الإخوان المسلمين--فرع ليبيا--المعروفين بتلويح شعار الإصلاح في ليبيا والترويج له بالخطابة، وهو أسلوب لا يختلف كثيرا عن خطاب دكتاتورية أيديولوجية أخرى يعرفها الليبيون جيدا.

نشر السيد صلاح الشلوي مقالة في عيد الفطر تحدث فيها عن العروش التي دكها المسلمون والأعناق التي دقوها والجيف التي جندلوها، وكل هذه الأعمال الإنسانية الجميلة ساقها الكاتب بمناسبة الإحتفال بالعيد، ثم إنتقل إلى عقد المقارنة بين الجاهلية التي دق الإسلام أعناقها--حسب إعتقاده-- والعلمانية في تاريخنا المعاصر. وبذلك الشكل يحرض سيادة الكاتب أتباعه الوهميين أن يدقوا أعناق العلمانيين وأن يدكوا عروش العلمانية، وهذه التعليمات تصدر عن كاتب لايقيم في مكة أو قندهار، ولا حتى في كوشة الصفار، وإنما يقيم في حضن من أحضان العلمانية. ليس سرا أن الكاتب يقيم في سويسرا التي أتاها هاربا من بطش إخوانه في الدق ليتمتع فيها بكم من الحرية والأمان لم يسبق لها مثيل بين مطارديه الذين يزينون أعيادهم بأساطير دق الأعناق وسحق الأعداء وجعلهم أسوة لمن تراوده نفسه بالخيانة والعمالة. وفيما يلي ننقل لكم حوارنا مع السيد الإسلامي المحرض ضد العلمانية.

رابط عيدية السيد الشلوي: العيد والعود من جديد

وهذا أول التعليقات

أنت مؤهل لأن تكون مفسرا لأحاديث أخيك العقيد. فماذا يا ترى يمنعك من أن تتمرغ في جنات العقيد، هل هي جاهلية سويسرا وعلمانيتها أم أن أخاك أجلاك وصدك ضمن دفاعه عن الإسلام ووقايته لمجتمع شريعته القرآن؟

بعيدا عن نفاق الإسلاميين، الحقيقة الملموسة أن حريتك وحتى إنسانيتك تكون معدومة لولا نعمة العلمانية التي وفرت لك الفرص وكفلت حقك أن تعلن عن كفرك بها بدون حدود ولا قيود.

العلمانية تتحداكم وتدعوكم بآيتها الكريمة:

Give me your tired, your poor, your huddled masses yearning to breathe free.

فكم من مواجه وكم من مجيب؟
رد السيد الشلوي

...لن انشغل الرد الطويل على كلام هذا العلماني لأنه لم يكتب باسم حقيقي لأنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية كلامه الأدبية ولا العلمية، أما نشري لملاحظته فهي كي يرى أبناء المجتمع الليبي آياته الشيطانية التي يبشر بها لينسخ بها أيات الله عزوجل، وقد صدق عليهم قوله عزوجل في سورة براءة وهي سورة المنافقين أيضا " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون، هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون" نعم هي معركة قديمة وكما دحضت آيات سلمان رشدي ستدحض أيات العلماني الليبي لأنه يسبح عكس تيار المجتمع الليبي الذي لا يعرف له مرجعية ثقافية ودستورية غير الإسلام كموروث حضاري للمجتمع الليبي لا يقبل المساومة عليه، كما أنه لم يفهم مغزى كلامي في التفريق بين العلمانية في الغرب وأن النصراني بإمكانه أن يكون علماني ويحتفظ بنصرانيته في نفس الوقت، لأنه كعلماني يعزل الكنيسة عن الدولة وليس في هذا كفر بالنصرانية البتة!، بل ولوعزل هذه الكنيسة حتى عن النصرانية لما كفر بشيء مما جاء به عيسى بن مريم عليه السلام، أما كون مسلم يقول أريد أن اعزل الإسلام عن السياسية، وأن اضعه في متحف التاريخ، أو احصره في دورات المياة والحيض والنفاس لا يتعداها، فهو بدون أدنى شك يريد أن ينسخ أيات الله بأياته العلمانية الشيطانية التي يبشر بها، ولكن الله متم نوره رغم أنفه

ومع كل هذا فأنا مستعد أن ادفع حياتي ثمنا للدفاع عن حريتهم أن يعتقدوا ما يحلوا لهم، ولكن ليكونوا شجعانا وصرحاء مع الناس، وإلا فإن تزييفهم ومحاولتهم لتحريف الكلم عن مواضعه لن تنجح، إسلام وعلمانية لا يجتمعان، لأن العلمانية اعتراض صارخ على أحكام قطعية الدلالة وردت في القرآن بشكل صريح وواضح، ورد لأمر الله عزوجل، وهم أحرار فيما يختارونه لأنفسهم

وهذا رد على رد، لم نفاجأ بأن السيد الشلوي لم ينشره

شكرا على نشر تعليقي السابق، وشكرا على إضافاتك رغم أنها لا تتضمن ردا واحدا على ما سألتك، حيث أنك إكتفيت بتهويل الأمور وجعلت من ملاحظة عابرة إعلان حرب ونسخ آيات... إلخ. وإليك ردودي على إضافاتك لتنشرها إن شئت، أو لتطلع عليها بمفردك على أقل تقدير.

أولا، حول مطلب الكتابة بإسم حقيقي وعلاقته بالمسؤولية، يجب أن تراعي أنني لست مترشحا نحو أهداف سياسية وما يتطلبه ذلك من إشهار للذات وعرض للأزياء. كل ما في الأمر أنني قدمت مشاركة في عرض للآراء، وهو أمر معقول وإن كان مختلفا تماما عن أغراضك ودوافعك كعضو بارز في حزب سياسي من أهدافه المعلنة ومطالبه المتكررة المشاركة في إدارة الشَأن الليبي العام. ثانيا، لاحظ أن إبداء الرأي بالتعليق والإستفهام خارج دائرة الحرمات الشخصية، وبدون رجم بأحكام مبنية على الأسرار أو متوقفة على عهدة المتحدث، كل ذلك لا ترتبط فيه المسؤولية الأدبية ولا العلمية بشخص المتحدث وهويته، وإنما يقف ذلك الرأي بما فيه أو يسقط بما فيه، والحكم للقاريء.

أما عن النسخ والتزوير والآيات الشيطانية، فقد قدمت نصا بأنه آية من آيات العلمانية، ولم أنسبه لشيطان ولا إله، لأنه في الحقيقة نص مشهور ومسجل على تمثال الحرية في نيويورك، بينما نقلت أنت يا سيد صلاح نصا نسبته إلى سورة براءة وأضفت أنها هي سورة المنافقين. وحسب معلوماتي المتواضعة أن سورة براءة تعرف بأسماء عدة، منها براءة والتوبة والعذاب، ولكنها سورة مختلفة عن سورة المنافقين. فأينا أقرب من نسخ الآيات وتحريفها؟ ولكن مع إحتمال الخطأ، فالأمر لا يتطلب كل هذا التهويل والتغويل وإختلاق المعارك الوهمية. كل ما في الأمر يا سيدى سؤال: حدثنا عن ملاذك في أحضان العلمانية، رغم كثرة الأقطار التي تدير مسابقات حفظ القرآن. وماذا عن إخوانك في (وطن اللوح المحفوظ)، هلا تكرمت وفسرت لنا دعواهم ضدك وأحاديثهم حول إسلامية دوافعهم ومبرراتهم فيما أصابك على سبيل المثال؟ العلمانية لم تختطفك من دار اللوح يا سيدي ولا أرغمتك على البقاء أينما العنبر يفوح، بل أنها وفرت لك حرية القرار والإختيار بإسم الإنسانية والحرية وليس بإسم النصرانية أو غيرها من الديانات.

ولقد فاجأني شجبك السباحة عكس تيار المجتمع الليبي، فسألت نفسي: مابهم دعاة الإصلاح الشامل أين يسبحون، وماهي حاجة المجتمع الليبي للإصلاح إذا كان تياره يسير في الإتجاه السليم؟ وأكرر أنني لا أخطب ود المرشحين ولا سخاء المجرمين، ولذا لا يهمني إن كان رأي مطابقا أو مخالفا لأي رأي آخر، ولكنني في نفس الوقت لا أنافق الناس علنا بأن حالهم فساد شامل وتيارهم في الإتجاه السليم.

وتقول أن المجتمع الليبي لايعرف له مرجعية ثقافية ودستورية غير الإسلام كموروث حضاري لايقبل المساومة عليه. والحقيقة أننا لم نسمع بتفشي مفهوم الدستور بين الليبيين عبر التاريخ، ربما بإستثناء عهد المملكة، ولكن ذلك الدستور الوحيد تشكل على هياكل مقتبسة (ملتبسة) من نظم علمانية خارجية، بريطانية-أمريكية على وجه التحديد. أما عن المرجعية الثقافية والموروث الحضاري لما تسميه المجتمع الليبي، فحبذا لو تفسر لنا، حتى إستنادا على أحاديث أخيك العقيد، أين ومتى إكتسب مجتمعنا صفة (الليبي) هذه في سياق الموروث الإسلامي الحضاري؟ من يا ترى من إخوانك العقداء خلع علينا هذا الإسم الحضاري الموروث؟ حسب علمي أننا ورثنا هذه الإسم من عقداء إيطاليا، الذين كرم مجتمعنا أرذلهم بسيف الإسلام في سياق قد يسميه البعض مساومة، بينما يرى أنه تسامح من أجل مصلحة الوطن ورفع المعاناة والتخفيف من حدة الإحتقان. ولكنني أترك لك أن تحدد معاني كلمات الليبي والمساومة في نطاق الحقائق والممارسات التاريخية، يا سيد صلاح، مع إعتذاري على ذكر كلمة المساومة وسيف الإسلام جنبا إلى جنب.

دعونا من دغدغة العواطف بالخطابة النيابية المطابقة لحماسيات وثوريات تيار (الألف أمس)، أرجوكم، وخاطبوا عقولنا بالمعقول. اليوم ترفعون شعارات تيار الغد الذي يتخذ من الإسلام مرجعية في مسيرة الإصلاح الشامل ضد الفساد والقطط السمان. وبالأمس كان التيار يحمل القرآن شريعة للمجتمع وكانت الثورة مستمرة ضد الخوان والكلاب الضالة. هؤلاء رجموا الرجعية والإمبريالية، ثم إنكبوا على أعتابها تائبين. واليوم خطباء الإصلاح يلعنون العلمانية والليبرالية بعد أن أتخمتهم أمانا وإحتراما. لا شيء تغير، ولا نرى فرقا بين المعسكرين، وليس لدى أيهما ما يقدمه للحشود المصطفة في سفارات العالم العلماني الليبرالي والمرتصة على شواطئه، إقتداء بمن سبقوهم في البحث عن الكرامة قبل وبعد كل شيء.

إتهمتني بعدم فهم مغزى كلامك في التفريق بين ما أسميته (العلمانية في الغرب) وبين مالم تحدده بالمثل، ولكنه يبدو حسب تقديري (العلمانية في المجالات الجغرافية التي يسكنها المسلمون). ليس هناك فرق معقول، فالمسلمون متواجدون بشتى أنحاء الأرض، ولكنهم مضطهدون في جميع البقاع إلا البقاع العلمانية. وبرغم ما يدعيه الإسلاميون، فإن لسان حالهم يقر بأفصح الأدلة العملية ليس على صلاحية العلمانية فحسب، بل أن مواطن الديمقراطية الليبرالية العلمانية تنفرد في مقدمة إختيارات المسلمين الهاربين من ديارهم بحثا عن الحرية والكرامة، بل حتى بحثا عن مجال أوسع لممارسة دينهم ومذاهبهم بدون قيود.

في الختام، أريد أن أشكرك على إستعدادك لأن تدفع حياتك ثمنا للدفاع عن حرية الآخرين في الإعتقاد، ولكنني لم أطلب منك ما يستوجب كل هذه الشهامة والإيثار خارج حدود الولاء القسري، وكل ما أطلبه هو أن تتكرم بردك على أسئلتي وأن تقابل الرأي بالرأي إذا إستطعت إلى ذلك سبيلا.



التسميات:

2 تعليقات:

إرسال تعليق

عودة إلى المدخل