شحوبة تشتد إصفرارا
لا أدري ما دفعني إلى تدوين هذا الحدث، ولكنه حدث تاريخي مهم. هذا العام، في بريطانيا، سجلت أغنية (Whiter Shade of Pale) رقما قياسيا، حين أصبحت أكثر الأغاني سماعا في بريطانيا منذ ٧٥ عاما! وبالنظر إلى أهمية الثقافة البريطانية وأثرها في الموسيقى الحديثة على المستوى العالمي، ربما يجوز لنا أن نعتبر هذه القطعة أغنية القرن العشرين.
طبعا، لا غرابة في أن تكون أغنية ما في الصدارة، ولكن أن تكون هذه الأغنية بالذات في المقدمة وعلى مستوى تاريخي وثقافي بكبر وثراء بريطانيا، فهذا شيء جدير بالتدوين. لماذا نستغرب؟ لأن الأغنية إشتهرت بكلماتها بقدر ما إشتهرت بكونها مثال مبكر من طابع موسيقي جديد (الروك التقدمي). نعم، الغرابة تكمن في أن كلمات هذه الأغنية لا تعني شيئا في ظاهرها، وقد إختلف الناس في تأويلها، أو تفسير معناها الباطني. هناك من يقول أنها إعادة إنتاج قصيدة قديمة تدور حول حفل أقامه الشيطان مع بعض الساحرات. وهناك من يقول أنها ترمز إلى الإنتشاء والهلوسة التي تنتج عن تعاطي مخذر (LSD)، أو ما يسميه البعض (عقار النبوة) -- كيخ كيخ كيخ! الأغنية أصبحت مادة فنية، من فئة الفن التجريدي، لها تناسق غير معقول ولكن لها وقع محبوب على الأنفس. ولذا سألت النفس: كيف يكون وقعها إن ترجمت إلى لغة أخرى؟ ومن هنا كان التحدي. كيف تترجم اللا معنى دون الإخلال به؟ كيف تصف صورة فنية لمن يبصر الألوان ولا يبصر الأشكال؟ وحيث أنني من هواة التسلية الفكرية، فقد قررت أن أجرب حظي في ترجمة كلمات هذه الرائعة الفنية إلى اللسان المتجلط. ولكن، قبل ذلك، إليكم فيديو تسجيل هذه الأغنية في عام ميلادها... من (صيف الحب) في عام ١٩٦٧، هاهي فرقة (Procol Harum) تصنع التاريخ...
يمكنكم الإطلاع على الكلمات الأصلية بالإنجليزية، إن أردتم، مع ملاحظة ما يلي: أن كلمة (Fandango) هي إسم رقصة إسبانية صاخبة، وقد ترجمتها بمنهج (خشيمي) بارز إلى (فن دنقة). وإذا صح القول الشائع بأن (Flamenco) ترجع إلى (فلا مل النظر منكم)، فما ينمعني من ترجمة الرقصة الأخرى الصاخبة إلى فن دنقة؟ عادي!
تناقزنا (فن دنقة) خفيفة،
وتدحرجنا دواليبا على أرض سقيفة.
كنت أشعر بشيء من الغثيان.
ولكن الجمهور صاحوا طلبا للمزيد.
اشتد طنين الغرفة،
بينما انقشع السقف بعيدا وبعيدا.
وعندما صحنا بطلب كأس آخر،
أحضر النادل صحنا.
وهكذا كان لاحقا،
بينما روى الطحان روايته،
أن وجهها، شبحي فقط في البداية،
اكتسى شحوبة تشتد إصفرارا
قالت ليس هناك سبب،
والحقيقة واضحة للعيان
انني تجولت عبر أوراق لعبي،
ولم أسمح لها أن تكون
واحدة من ستة عشر عذارى محصنات
راحلات إلى الساحل.
ورغم أني كنت مفتوح العينين،
فإني كما لو كنت مغمضا.
وهكذا كان لاحقا،
بينما روى الطحان روايته،
أن وجهها، شبحي فقط في البداية،
اكتسى شحوبة تشتد إصفرارا
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل