الجسدية: داء ودواء
للمرة الثانية في غضون شهر طالعنا مقالة بقلم السيدة نوال المفتي على صفحات (ليبيا اليوم)، وهي ثاني حلقة في سلسلة (أبناؤنا أكبادنا...) التي إستهلتها الكاتبة بصرخة حول (فجور الفتيات الليبيات على شاشات الإنترنت) على حد تعبيرها، ولكنها لم تحدد إن كان الفجور قد أتى للشاشة أم أن الشاشة أتت للفجور. هذا الأمر يطرح على أذهاننا السؤال المعروف: إذا سقطت شجرة في غابة خالية، هل تحدث صوتا؟
بنت الكاتبة الحلقة الأولى للمجهول، حيث أنها لم تقدم شيئا من الحقائق الملموسة التي (نفترض أنها) أسست عليها نظرتها. وفي الحلقة الثانية، هبت ريح من بحر الحقائق ولكنها أتت بما لاتشتهي السفن، حيث أن الكاتبة إستهلت حديثها كما يلي:
وكم سعدنا أن الكاتبة قدمت لنا حقيقة ملموسة هذه المرة، على شكل عنوان لموقع (فجوري)، ولكننا ذهلنا عندما ذهبنا إلى الموقع فوجدناه مغلقا ولايدخله إلا الأعضاء المسجلين. ياسلام! كيف تسنى للكاتبة أن تشاهد الفجور، وما جرها للتسجيل في ذلك الموقع؟ هذه أسئلة نترك إجابتها للمختصين.
على كل حال، عرضت الكاتبة في مقالتها بعض مسببات الفجور، ولكن عرضها لم يتجاوز عبارة (ضغوط الغربة)، التي يمكننا الرد عليها بعبارة (أقتلني يا سمن البقر). ثم قفزت الكاتبة إلي بعض الحلول التقليدية ولكنها، للأسف، لم تربط بين الحلول والمشكلة المفترضة. مثلا، لم تحدد لنا الكاتبة كيف تحول قراءة القرآن دون عرض الفتيات صورهن بحجاب أو بدون حجاب، ولم توضح للقراء كيف يحد تعاطي النصوص الدينية من عادة تكوين الصداقات بين بني الإنسان، وبناته كذلك. ببساطة، يبدو أن الكاتبة تجهل مدى تفشي الفساد الخلقي في المؤسسات الدينية بشكل عام، داخل وخارج عالم الإسلام. ولو أن ترديد النصوص الدينية يحل المشاكل الإجتماعية، فلماذا لم تفلح هذه التعويذة في المجتمعات الإسلامية التي تصدح أسواقها ليل-نهار بأشرطة تجويد القرآن؟
من جانب آخر، عنوان سلسلة (أبناؤنا أكبادنا...) شد إنتباهنا بما يحمله من جسدية، إن صح التعبير. أليس غريبا أمر الليبيين فيما يخص الجسدية؟ من جانب، نحن نعتبر الجسد عورة يجب سترها وإبعادها عن الأنظار وعن الحياة العامة. ومن الجانب الآخر، لايستطيع أي ليبي أن يفصح عن مشاعره بدون الغوص في جسده وتعرية فلذة كبده أو عظامه أو غيرها من الأعضاء. لعلك لاحظت تراكم (الأدب التشريحي) حول قضية الأيدز وماجرته علينا من (جمرة في القلب) و(حرقة في العين) و(شياط في الكبد) و(إلتهاب في الأمعاء). ما هذه الحيوانية ياقوم، ألا يمكن لنا أن نعبر عن مشاعرنا بدون سطحيات التشريح والتشليح؟
على كل حال، أنا أظن أن الحل العملي لمشكلة (الفجور) قد يكمن في مفهوم الجسدية عند الليبيين، ولكن الحل الذي أتصوره يقوم على قلب الموازين، مثلما حصل مع مشكلة جني الطماطم آليا. { حاول العديد من المهندسين والمخترعين تحسين عمل آلات جني الطماطم بزيادة حساسيتها وجعلها ناعمة، ولكن لم يتوقف الهرس والمرس إلى أن قرر أحدهم أن يطور الطماطم بدلا من هندسة الآلة، فأصبحت لها قشرة سميكة تتحمل قبضة الآلة بدون جروح.} وحيث أن الأعضاء الخارجية للجسم هي وحدها التي تخضع لقوانين العورة وتؤهل عارضها للفجور، فإننا نقترح على الشبيبة الباحثين على أصدقاء أن يمتنعوا عن عرض وجوههم وشعورهم وأن يقوموا بعرض صور لأكبادهم وأمعائهم ومعاليقهم. وكفى الله المسلمين شر الإنفعال.
بنت الكاتبة الحلقة الأولى للمجهول، حيث أنها لم تقدم شيئا من الحقائق الملموسة التي (نفترض أنها) أسست عليها نظرتها. وفي الحلقة الثانية، هبت ريح من بحر الحقائق ولكنها أتت بما لاتشتهي السفن، حيث أن الكاتبة إستهلت حديثها كما يلي:
عبر شاشات الإنترنت وعلى موقع www.hi5.com رأيت إحدى الفتيات التي عهدتها ترتدي الحجاب منذ صغرها، وقد ظهرت في صورة بدون حجاب تعرضها على هذا الموقع كما تعرض أيضا صور لشباب أوروبيين وعرب تفتخر وتتباهى بأنهم أصدقاءها٫
http://www.libya-alyoum.com/data/aspx/d0/3990.aspx
وكم سعدنا أن الكاتبة قدمت لنا حقيقة ملموسة هذه المرة، على شكل عنوان لموقع (فجوري)، ولكننا ذهلنا عندما ذهبنا إلى الموقع فوجدناه مغلقا ولايدخله إلا الأعضاء المسجلين. ياسلام! كيف تسنى للكاتبة أن تشاهد الفجور، وما جرها للتسجيل في ذلك الموقع؟ هذه أسئلة نترك إجابتها للمختصين.
على كل حال، عرضت الكاتبة في مقالتها بعض مسببات الفجور، ولكن عرضها لم يتجاوز عبارة (ضغوط الغربة)، التي يمكننا الرد عليها بعبارة (أقتلني يا سمن البقر). ثم قفزت الكاتبة إلي بعض الحلول التقليدية ولكنها، للأسف، لم تربط بين الحلول والمشكلة المفترضة. مثلا، لم تحدد لنا الكاتبة كيف تحول قراءة القرآن دون عرض الفتيات صورهن بحجاب أو بدون حجاب، ولم توضح للقراء كيف يحد تعاطي النصوص الدينية من عادة تكوين الصداقات بين بني الإنسان، وبناته كذلك. ببساطة، يبدو أن الكاتبة تجهل مدى تفشي الفساد الخلقي في المؤسسات الدينية بشكل عام، داخل وخارج عالم الإسلام. ولو أن ترديد النصوص الدينية يحل المشاكل الإجتماعية، فلماذا لم تفلح هذه التعويذة في المجتمعات الإسلامية التي تصدح أسواقها ليل-نهار بأشرطة تجويد القرآن؟
من جانب آخر، عنوان سلسلة (أبناؤنا أكبادنا...) شد إنتباهنا بما يحمله من جسدية، إن صح التعبير. أليس غريبا أمر الليبيين فيما يخص الجسدية؟ من جانب، نحن نعتبر الجسد عورة يجب سترها وإبعادها عن الأنظار وعن الحياة العامة. ومن الجانب الآخر، لايستطيع أي ليبي أن يفصح عن مشاعره بدون الغوص في جسده وتعرية فلذة كبده أو عظامه أو غيرها من الأعضاء. لعلك لاحظت تراكم (الأدب التشريحي) حول قضية الأيدز وماجرته علينا من (جمرة في القلب) و(حرقة في العين) و(شياط في الكبد) و(إلتهاب في الأمعاء). ما هذه الحيوانية ياقوم، ألا يمكن لنا أن نعبر عن مشاعرنا بدون سطحيات التشريح والتشليح؟
على كل حال، أنا أظن أن الحل العملي لمشكلة (الفجور) قد يكمن في مفهوم الجسدية عند الليبيين، ولكن الحل الذي أتصوره يقوم على قلب الموازين، مثلما حصل مع مشكلة جني الطماطم آليا. { حاول العديد من المهندسين والمخترعين تحسين عمل آلات جني الطماطم بزيادة حساسيتها وجعلها ناعمة، ولكن لم يتوقف الهرس والمرس إلى أن قرر أحدهم أن يطور الطماطم بدلا من هندسة الآلة، فأصبحت لها قشرة سميكة تتحمل قبضة الآلة بدون جروح.} وحيث أن الأعضاء الخارجية للجسم هي وحدها التي تخضع لقوانين العورة وتؤهل عارضها للفجور، فإننا نقترح على الشبيبة الباحثين على أصدقاء أن يمتنعوا عن عرض وجوههم وشعورهم وأن يقوموا بعرض صور لأكبادهم وأمعائهم ومعاليقهم. وكفى الله المسلمين شر الإنفعال.
التسميات: ثقافة
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل