ضرب السوالب: عبارة وعبرة
هناك نظرية تقول أن الكلمات، كالأسماء مثلا، تلد السلوك، أي أنها تملي أسلوب تعامل البشر مع المسميات. صاحب النظرية كان مهندسا (بالخبرة وليس بالتسمية) ثم عمل في قطاع التأمين للتحقيق في الحرائق وغيرها من الكوارث. يستدل صاحبنا بحرائق مخازن الحبوب التي توضع بها مراوح للتهوية وللتجفيف، تجنبا للتخمر، إلخ. الإسم المتداول للمراوح يعني (نافخة) ولذلك --حسب النظرية-- يغلب توجيهها إلى الداخل لكي تنفخ الهواء على الحبوب (وغبار قشورها)، فإذا حدث بها عطب وإحتكاك، تقدح شظاياها المتوهجة وتتناثر على الحبوب وتشعل بها النيران. ولو أن المروحة سميت (ماصة) لوجهها أصحابها إلى الخارج ولكان لها أن تؤدي دورها بدون أضرار جانبية.
في لسان العرب المتجلط هناك العديد من الكلمات المعلبة للإستعمال ولكنها --عمليا-- فقدت معانيها الأصلية واكتسبت معاني بديلة عنها، وبالتالي أدت إلى إنحراف في الممارسات٫ من بين هذه الكلمات نجد مثلا عبارة (حقوق الإنسان) التي تعني عندنا (حقوق العضو أو المنتسب) لجماعة أو طائفة أو جنس معين. في ليبيا (حقوق الإنسان) تعني عمليا (حقوق الرجل المسلم الأبيض العربي). وعندنا مصطلح (الإصلاح) الرائج، والذي يعني إسقاط المسؤولية عن السوابق والترخيص لعهد جديد من اللواحق، ولنا عودة على هذا المفهوم في يوم آخر٫
مختارة اليوم هي عبارة (التحكم في الجودة) التي نقلت من منبتها إلى متاحف اللسان ومقابر البيان في مملكة عربستان٫ ماذا تعني هذه العبارة للشخص العادي، أو حتى الغير عادي، للنخبة كما يقولون؟ ولماذا هذا الإنحياز الظاهر بإفتراض حضور الجودة مسبقا، بينما أصلها الذي ترجمت منه لالون له، ومفاده يحتمل الجودة بقدر مايحتمل الركاكة. مفهوم (التحكم في الجودة) بضاعة مستوردة تم تعليبها في قالب محلي فأصبحت تعني التسلط على ما يفترض وجوده، ولاتفيد الخلق ولا الإنماء.
إليكم هذه العينات
من صحيفة (ليبيا اليوم) عنوان طويل عريض يتضمن ما يلي
يا سيادات المحررين: نفي عدم وجود = تأكيد وجود. ونفي خلو = تأكيد إحتواء، إلا إذا كنتم تعملون بمنطق (ثلاثي) لا يقبل بالضرورة أن الصواب نقيض الخطأ.
ويا حضرات القراء: في ثقافات الإستبداد التحكم في الجودة = الحد من طيشها وكبحها.
في لسان العرب المتجلط هناك العديد من الكلمات المعلبة للإستعمال ولكنها --عمليا-- فقدت معانيها الأصلية واكتسبت معاني بديلة عنها، وبالتالي أدت إلى إنحراف في الممارسات٫ من بين هذه الكلمات نجد مثلا عبارة (حقوق الإنسان) التي تعني عندنا (حقوق العضو أو المنتسب) لجماعة أو طائفة أو جنس معين. في ليبيا (حقوق الإنسان) تعني عمليا (حقوق الرجل المسلم الأبيض العربي). وعندنا مصطلح (الإصلاح) الرائج، والذي يعني إسقاط المسؤولية عن السوابق والترخيص لعهد جديد من اللواحق، ولنا عودة على هذا المفهوم في يوم آخر٫
مختارة اليوم هي عبارة (التحكم في الجودة) التي نقلت من منبتها إلى متاحف اللسان ومقابر البيان في مملكة عربستان٫ ماذا تعني هذه العبارة للشخص العادي، أو حتى الغير عادي، للنخبة كما يقولون؟ ولماذا هذا الإنحياز الظاهر بإفتراض حضور الجودة مسبقا، بينما أصلها الذي ترجمت منه لالون له، ومفاده يحتمل الجودة بقدر مايحتمل الركاكة. مفهوم (التحكم في الجودة) بضاعة مستوردة تم تعليبها في قالب محلي فأصبحت تعني التسلط على ما يفترض وجوده، ولاتفيد الخلق ولا الإنماء.
إليكم هذه العينات
من صحيفة (ليبيا اليوم) عنوان طويل عريض يتضمن ما يلي
( ...مفتش الصحة في ليبيا... ينفي مجددا عدم وجود مرض أنفلونزا الطيور)ومن موقع (المنارة للإعلام)، ...تفضلوا
(ليبيا تنفي مجددا خلوها من اي اعراض لوباء انفلونزا الطيور)في الأولى مفتش الصحة >>> ينفي عدم وجود <<< المرض، وفي التالية ليبيا >>> تنفي خلوها <<< من أعراض الوباء. ونحن نقول يا لطيف ألطف، نادوا النجدة راهي البلاد إتخذت! لا نستغرب صدور مثل هذه الأخطاء المنطقية لأن الخطأ من توابع العمل، ولكننا نستغرب بشدة أن هذه العفسات المزلزلة لم تخضع للتصحيح رغم أنها منشورة منذ أيام أمام جمهورنا المتعطش. أين المراجعة عند العرض وأين الحرص والفطنة عند الطلب؟ داقرة ولقت مغطاها!
يا سيادات المحررين: نفي عدم وجود = تأكيد وجود. ونفي خلو = تأكيد إحتواء، إلا إذا كنتم تعملون بمنطق (ثلاثي) لا يقبل بالضرورة أن الصواب نقيض الخطأ.
ويا حضرات القراء: في ثقافات الإستبداد التحكم في الجودة = الحد من طيشها وكبحها.
التسميات: المنارة, ليبيا اليوم
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل