عجبي على حرفين
قناة الجزيرة أطفحت كأسي... وبراريك الحظيرة دوخت رأسي
في منتصف يوليو، نشرت قناة\شبكة (الجزيرة) ملفا حول موضوع الأمازيغية في ليبيا، وضمت فيه مقالة ومرفق إحصائي من إعداد (قسم البحوث والدراسات)، ومقالة تعبر عن موقف مؤسسة (تاوالت)، ومجموعة من الآراء تضمنت فقرات منقولة بتصرف من صفحتي النقدية (ديوان رفع الحصانة). ثم تكررت مواد (الجزيرة) في بعض المواقع الليبية بأساليب مختلفة، من بينها (ليبيا المستقبل) و (تاوالت) و (المنارة). الغريب في الأمر أن جميع المواقع الليبية التي رددت أفكاري في غلاف (الجزيرة) هي نفس المواقع التي سبق أن رفضت وتجاهلت كتاباتي الموجهة لها مباشرة، بل أن كتاباتي المنقولة بعينها في ملف (الجزيرة) كنت قد أعددتها أصلا وأرسلتها إلى قناة (المنارة) التي عاهدتني بنشر بعض منها ثم خالفت عهدها!
إذا، شبكة (الجزيرة) إنتقت أفكاري إعتبارا لقيمتها الفكرية في حد ذاتها، وبدون أي إعتبار لمصدرها؛ ولكن المواقع الليبية أكدت بأفعالها أنها لا تبنى قراراتها على قيمة الأفكار وإنما على مصدرها. ليس الغرض من هذا التعليق نقد أو تصحيح مانشرته (الجزيرة) رغم وفرة الأسباب والفرص، بل الهدف هو توضيح بعض الخلفيات والجوانب المحيطة بالموضوع، كمساهمة في عرض الإعلام الليبي الغير حكومي أمام القراء في إطاره المعلوماتي الصحيح.
قبل أن نلتفت إلى المواقع المعنية كل على حدة، لا نرى بدا من تذكيرهم عامة بمقولة (فيكتور هيوغو) الخالدة، أن "لا شيء أقوى من فكرة آنت." حقا يا سادة، أنا لا أستطيع أن أرغمكم على مساواة الفرص ولا الحياد ولا على أي شيء. ولكن أفكاري هي التي إخترقت حجابكم وأجهضت عنجهيتكم. وعلى غرار مقولة نزار، أقول:
عجبي على حرفين قد أخذا بثاري ... حاء حدست وقاف قلت يا قاري!
ليبيا المستقبل
في البداية، نشر الموقع رابطا إلى نسخة كاملة من ملف (الجزيرة) في موقع (ليبيا إيمال)، ثم إستبدلها برابط مباشر إلى موقع (الجزيرة)، وبالتحديد إلى المقالة التي كتبها السيد موحمد ؤمادي نيابة عن مؤسسة (تاوالت). وبعد يوم أضاف موقع (ليبيا المستقبل) رابطا إلى المقالة المخصصة للآراء والتي وردت فيها فقرات من كتاباتي. وفي اليوم الثالث أضاف الموقع رابطا جديدا إلى مقالة السيد ؤمادي، ولكن هذه المرة أظهر فيه إسم الكاتب وعنوان المقالة. من الواضح أن تكرار نشر مقالة السيد ؤمادي لا يحمل أي ثمرة إعلامية ولا يخدم أي غرض سوى محاباة الكاتب.
لقد سبق أن أرسلت إلى السيد حسن الأمين، مدير (لييبا المستقبل)، مقالة نقدية حول نفاق وقصر شلة تحرير مجلة (الحقيقة) التي ينتمي إليها، ولكنه لم ينشرها وتعذر عن إمتناعه بأنه لا يدير مجلة (الحقيقة)، وفي نفس الوقت إدعى أنه يقوم بعمله في (ليبيا المستقبل) بدون محاباة! وكل من يطالع (ليبيا المستقبل) يعلم جيدا أنها لا تتورع في نشر النقد بل حتى الإتهامات بالخيانة إذا كانت موجهة في إتجاه حزبي معين. فأنظر مثلا إلى رسالة منشورة في موقع (ليبيا المستقبل) رغم أنها تخاطب السيد عاشور الشامس، رئيس تحرير براكة (أخبار ليبيا)! وأنظر كذلك إلى السلاطة التي نجمت عما نشره السيد حسن الأمين من رسم يسخر من قيادة حزب الإخوان المسلمين. فهل يدير السيد الأمين حزب الإخوان؟ ثم قارن الرسالة الموجهة إلى الشامس بمقالة السيد (حسين الفيتوري) التي أعلن موقع (ليبيا المستقبل) عن حذفها بعد نشرها بحجة أنها تقع خارج رسالة الموقع وأن سحبها كان "نتيجة لما ورد فيها من إتهامات ضد السيد محمد بويصير...
هذا إعتذار (ليبيا المستقبل) ولكن، في الحقيقة، المقال لم يحذف ولا زال مدرجا في القسم المسمى (منبر الكتاب). بغض النظر عن سلاطة المتابعة، كيف نفهم إمتناع السيد حسن الأمين عن نشر مقالة تنتقد مجلة (الحقيقة) إلى جانب قيامه بنشر نقد موجه للسيد الشامس وسخرية من قائد الإخوان؟ببساطة: شلة (الحقيقة) تتضمن السيد الأمين، ولكن عاشور الشامس والإخوان يقعون خارج نطاق المحاباة. كذلك، بينما يختلف السيد الشامس والإخوان في مواقفهم السياسية مع شلة حسن الأمين، فإن السيد بويصير لا يظهر إختلافه السياسي مع الشلة بنفس الوضوح، فضلا عن مشاركته في خزعبيلاتهم الإعلامية.
تاوالت
نشرت مؤسسة (تاوالت) إشارة مسبقة إلى ملف (الجزيرة) قبل صدوره، ووضعت فيها شعارها مقرونا بشعار (الجزيرة) كرمز إلى شراكتهما في المشروع. ولكن بعد صدور الملف، إكتفت (تاوالت) بنشر ثلثيه، وبالتحديد نشرت مقالة مندوبها ومقالة الآراء التي حوت تصريحات مديرها، ولكنها غضت الطرف عن المقالة والمعلومات الإحصائية التي أعدتها (الجزيرة). ماذا يعني هذا الإنتقاء، وأي شراكة تلك التي أعلنت عنها (تاوالت) مسبقا؟ ببساطة: المقالة التي أعدتها (الجزيرة) لا تعكس عقيدة (تاوالت) ولا تصب نحو أهدافها، ولذلك غيرت (تاوالت) نبرتها وتجاهلت نصيب شريكتها (ويا كليمتي ولّي لي). مرة أخرى، يوضح هذا المثال أن منظمة (تاوالت) الأيديولوجية لا تتوخى الموضوعية ولا تلتزم بالحياد وهي مجرد براكة أخرى من براريك الإعلام الموجه.
ليبيا المنارة
إحتفظنا بالأفضل إلى الآخر، أو كما يقول سكان الحارة، "الرب في عقابو"!
نشرت قناة (المنارة) ملف الجزيرة كاملا، بما فيه من كتاباتي. ولكن، كما أسلفت ذكرا، الغريب في الأمر أن (المنارة) إمتنعت عن نشر نفس الكتابات سابقا، حتى بعد أن عاهدتني بذلك عبر رسالة من مديرها السابق، السيد سليمان دوغة، والذي يشغل حاليا منصب رئيس تحرير صحيفة (ليبيا اليوم)! الفقرات المنقولة في ملف الجزيرة مقتبسة من ردودي على أسئلة طرحتها قناة (المنارة) في سياق الإعداد لندوة حول الأمازيغية في ليبيا. وقد أرسلت ردودي لهم تحت عنوان (مساهمة في نقاش الأمازيغية)، ولكن عندما عقدت المنارة حلقتها بعد تأجيلها تجاهلت مساهمتي بالكامل بعد أن عاهدتني بنشر مقتطفات منها مع الإشارة إلى أصلها في (ديوان رفع الحصانة). فهل هناك نفاق أكبر من أن تنشر الكلمات من عمرو وترفضها إن أتت من زيد؟
للأمانة، أضيف أن قناة (المنارة) لم ترفض جميع كتاباتي، بل على العكس، فهي الجهة الوحيدة التي قبلت مني النقد المكتوب حول أعمالها وتركته في دفتر ضيوفها وضمن تعليقات القراء على إستطلاعاتها. ثم ذهبت (المنارة) إلى أبعد من ذلك بعقد ندوة خاصة حول حياديتها، وقرأ فيها السيد دوغة ملاحظاتي على الهواء بدون أي طلب مني. نعم، ذلك جزء من الحقيقة، وهو حقا جزء يمثل خبرتي مع (المنارة) تحت إدارة السيد دوغة، ويشكل خلفية ناصعة تظهر أمامها أعمال الإدارة الحالية شديدة التباين.
الخلاصة أن براريك الغضب، بشتى عناوينها وشعاراتها، تقوم عليها عقليات قديمة تتعامل بأدوات حديثة ليست بالضرورة مؤهلة لإستعمالها. النتيجة تنحصر في حالتين: إما تنفتح هذه العقليات للنقد فتتعلم وتبقى، وإما تنغلق على نفسها وتختنق في زفيرها.
--ضمير مستتر
عضو معشش، منظمة العقول الليبية الفوق أرضية
التسميات: الأمازيغية
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل