حقائق مغيبة
خسوف الغراء
إحتجبت (الحقيقة) منذ ما يزيد عن أسبوع، و(الحقيقة) هي المجلة الغراء، على رأي البعض، التي تدار على النمط الجماهيري من قبل شلة مرتجلة لا تقوى على مضغ ما تعض! أسبوع وأكثر مر على إنقطاع المجلة والشلة نائمة على آذانها، فلا من شاف ولا من سمع!
زوار موقع (الحقيقة) يحالون تلقائيا إلى ملاحظة من الشركة المضيفة تعلن أن الموقع معلق وأن رسالة بالخصوص قد أرسلت للمسؤولين.
يجدر بالذكر أن لجنة تحرير الحقيقة تضم السيد عيسى عبد القيوم والسيد طارق القزيري وغيرهم ممن لايجف لهم قلم حول أصول المجتمع المدني، والمطلوب والمرغوب من الأحزاب والمؤسسات، وكيف تؤكل أكتاف الصحافة وعراقيب القطافة، إلخ إلخ إلخ. أما أن ينتبه أحدهم لواجباته الضئيلة، أو تفيق اللجنة وتهز زرها وأوداجها، فتلك مسؤوليات الأجانب! وربما يستقيم أمر هذه المجلة لو أن أربابها يقتدوا برواد الإدارة الجماهيرية فيستأجروا كم عامل من مصر أو السودان ويحتفظوا لأنفسهم بألقاب القيادة والريادة والبلادة.
حامورابي يقتحم القرن العشرين
شهدت بداية هذا الشهر، نوفمبر الحلال، حدثا تاريخيا من فصيلة مرة وبس، ولكنه مضى مضي نزك هيلي على نجع العميان. أخيرا، تزحزح السيد إغنيوة عن فلكه وقرر أن ينشر مواده العربية على شكل نص، بعد عقد من نشرها على شكل صورة، لا لغرض يعقل إلا التكلف والرياء. ما الذي تغير هذا الشهر، يا ترى، أو حتى هذا القرن، ليدفع السيد حامورابي أن يترك تقنيات النقش والنحت في الصفائح ليلتحق بركب المعلومات؟ شيء ما أفاق السيد إغنيوة ليجعل أرشيفه قابلا للبحث الآلي. شيء ما جعل حامورابي يميز بين حفظ المعلومات وردمها، بين الدواوين والمقابر. لم نستفسر السيد إغنيوة عن قراره لأنه ينأى عن التفاعل مع الناس، وقاية من المسائلة وتأكيدا لمفهوم الجود والكرم في ثقافة خرف وستف يا حبيب الله. لا شك أن تطور فندق حامورابي من فوائد صوم رمضان.
بعد رقود حاكمهم للستة ثم للستين، الليبيون يحتجون على تدخل الأجانب في محاكمهم
حقا، إن شر البلية ما يضحك! في فصل جديد من تراجيدية الإنتقام ثار بعض الليبيين هذا الشهر إثر قرار ما يسمى (المحكمة العليا) في طرابلس تأجيل البت النهائي في إستئناف الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المحكوم عليهم بالإعدام في قضية حقن مئات الأطفال بفيروس الأيدز، وهو القرار الذي يشيد به بعض المضللين ولكن يراه العاقلون إذعانا من قيادة مهزومة لأوامر من هزمها. يحتج الليبيون ويصرخون، وتعرض المكلومات يلطمن خدودهن على شاشة التلفزيون، وتتكرر عبارة (فلذات أكبادنا) في كل مقالة إحتجاج من الداخل والخارج. فهل نبتت للبييين أكباد جديدة حية؟ ألم تزهقها عادة الإفطار على الدماء؟ أم أن شرهتنا لدماء جديدة طازجة هي التي تجعل (الشعب يطالب بالإعدام) من جديد و (مايبوش كلام لسان، يبوا حقنه في الميدان)؟
لماذا لا يحتج الليبيون على تصريحات سيف القذافي ببراءة المتهمين بإعتبارها تدخل في غير شأنه؟ وإذا كانت أحكام سيف القذافي مجرد آراء شخصية لاتحمل ثقلا قانونيا، فلماذا لم تمنع المحكمة الأصلية عرضها في سياق الدفاع عن المتهمين؟ أي نزاهة قضاء تلك التي يتحدث عنها الليبيون ويطالبون بإحترامها؟ هل هو القضاء الذي سلم فحيمة والمقرحي للأجانب بدون سابق حكم ولامتابعة؟ هل هو القضاء الذي أدار فنزوزته المسردنة عن إنتهاكات للحقوق بجميع أشكالها، إنتهاكات دامت عقودا ولا زالت في وضح النهار؟ هل هو القضاء الذي يترأسه المجرم محمد المصراتي ويمثل خنوعه الخاسر إبراهيم الغويل، أم هو القضاء الذي يمثله المتلعثم جمعة عتيقة وغيره ممن بترت ألسنتهم فأصبحت عاجزة على أي مطالبة إلا طلب إتباعهم في سبيل القناعة بالمذلة تحت غطاء ترميم السفينة المخروقة؟
أيها الليبيون: الأجانب لم يدنسوا حرمات قضائكم، ولم يرغموكم على الإنصياع للمهزومين. الناس في الخارج لا يعانون من حول العيون وعمى الضمائر في النظر إلى مصالحهم، ولن يمسكوا عصاهم من منتصفها. قارنوا مواقف حكومة بلغاريا بمواقف حكومتكم وقوادكم الأممي. أين قضائكم المشلول من تصريحات القذافي التي قبلتوها كأحد المصادر الرسمية والتلقائية لقوانينكم بحكم ما تسمونه الشرعية الثورية؟ وأين قضائكم من أحكام القذافي المسبقة بأن قضية الأيدز جريمة ثابتة وأن ورائها السي-آي-أيه والموساد؟ هل تريدون الناس أن يحترموا قضائكم بعد هذا الإحتقار؟ كفاكم إزدواجية وإنفصام!
الحقيقة المرة أن الليبيين شعب يبحث عن فريسة ضعيفة ليشفي غليله بالنيابة. هذا هو الدافع للهثهم وراء الدماء، ولكن فريستهم الوحيدة هم الأجانب الضعفاء والمستضعفون، من أمثال قيرا-قيرا أفريقيا ومازقري أوربا الشرقية. هذا هو الخلق الذي نماه فيهم حاكمهم الجبان، وهو يعلم جيدا مدى خطورته اليوم على مصالح شركائه الأجانب، وربما يصير يوما ما نفس الخلق الذي به تجني على نفسها طرابلس.
يسعدنا أن نرى أكباد الليبيين تعيد نموها وتثبت حيويتها، ولكن أسفنا أن الألسن تتكون من نسيج مختلف لا يعيد نموه بعد بتره. وإلى جوقة النائحين نضيف: هذا الرأي لم يطرق ولا ينكر الجانب الإنساني من هذه القضية، جانب الضحايا الأبرياء، قرابة الخمسمائة بين أبناء وآباء. الهدف هنا هو التعامل مع محنة الخمسة ملايين، الأموات وهم لايعلمون.
إحتجبت (الحقيقة) منذ ما يزيد عن أسبوع، و(الحقيقة) هي المجلة الغراء، على رأي البعض، التي تدار على النمط الجماهيري من قبل شلة مرتجلة لا تقوى على مضغ ما تعض! أسبوع وأكثر مر على إنقطاع المجلة والشلة نائمة على آذانها، فلا من شاف ولا من سمع!
زوار موقع (الحقيقة) يحالون تلقائيا إلى ملاحظة من الشركة المضيفة تعلن أن الموقع معلق وأن رسالة بالخصوص قد أرسلت للمسؤولين.
يجدر بالذكر أن لجنة تحرير الحقيقة تضم السيد عيسى عبد القيوم والسيد طارق القزيري وغيرهم ممن لايجف لهم قلم حول أصول المجتمع المدني، والمطلوب والمرغوب من الأحزاب والمؤسسات، وكيف تؤكل أكتاف الصحافة وعراقيب القطافة، إلخ إلخ إلخ. أما أن ينتبه أحدهم لواجباته الضئيلة، أو تفيق اللجنة وتهز زرها وأوداجها، فتلك مسؤوليات الأجانب! وربما يستقيم أمر هذه المجلة لو أن أربابها يقتدوا برواد الإدارة الجماهيرية فيستأجروا كم عامل من مصر أو السودان ويحتفظوا لأنفسهم بألقاب القيادة والريادة والبلادة.
حامورابي يقتحم القرن العشرين
شهدت بداية هذا الشهر، نوفمبر الحلال، حدثا تاريخيا من فصيلة مرة وبس، ولكنه مضى مضي نزك هيلي على نجع العميان. أخيرا، تزحزح السيد إغنيوة عن فلكه وقرر أن ينشر مواده العربية على شكل نص، بعد عقد من نشرها على شكل صورة، لا لغرض يعقل إلا التكلف والرياء. ما الذي تغير هذا الشهر، يا ترى، أو حتى هذا القرن، ليدفع السيد حامورابي أن يترك تقنيات النقش والنحت في الصفائح ليلتحق بركب المعلومات؟ شيء ما أفاق السيد إغنيوة ليجعل أرشيفه قابلا للبحث الآلي. شيء ما جعل حامورابي يميز بين حفظ المعلومات وردمها، بين الدواوين والمقابر. لم نستفسر السيد إغنيوة عن قراره لأنه ينأى عن التفاعل مع الناس، وقاية من المسائلة وتأكيدا لمفهوم الجود والكرم في ثقافة خرف وستف يا حبيب الله. لا شك أن تطور فندق حامورابي من فوائد صوم رمضان.
بعد رقود حاكمهم للستة ثم للستين، الليبيون يحتجون على تدخل الأجانب في محاكمهم
حقا، إن شر البلية ما يضحك! في فصل جديد من تراجيدية الإنتقام ثار بعض الليبيين هذا الشهر إثر قرار ما يسمى (المحكمة العليا) في طرابلس تأجيل البت النهائي في إستئناف الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المحكوم عليهم بالإعدام في قضية حقن مئات الأطفال بفيروس الأيدز، وهو القرار الذي يشيد به بعض المضللين ولكن يراه العاقلون إذعانا من قيادة مهزومة لأوامر من هزمها. يحتج الليبيون ويصرخون، وتعرض المكلومات يلطمن خدودهن على شاشة التلفزيون، وتتكرر عبارة (فلذات أكبادنا) في كل مقالة إحتجاج من الداخل والخارج. فهل نبتت للبييين أكباد جديدة حية؟ ألم تزهقها عادة الإفطار على الدماء؟ أم أن شرهتنا لدماء جديدة طازجة هي التي تجعل (الشعب يطالب بالإعدام) من جديد و (مايبوش كلام لسان، يبوا حقنه في الميدان)؟
لماذا لا يحتج الليبيون على تصريحات سيف القذافي ببراءة المتهمين بإعتبارها تدخل في غير شأنه؟ وإذا كانت أحكام سيف القذافي مجرد آراء شخصية لاتحمل ثقلا قانونيا، فلماذا لم تمنع المحكمة الأصلية عرضها في سياق الدفاع عن المتهمين؟ أي نزاهة قضاء تلك التي يتحدث عنها الليبيون ويطالبون بإحترامها؟ هل هو القضاء الذي سلم فحيمة والمقرحي للأجانب بدون سابق حكم ولامتابعة؟ هل هو القضاء الذي أدار فنزوزته المسردنة عن إنتهاكات للحقوق بجميع أشكالها، إنتهاكات دامت عقودا ولا زالت في وضح النهار؟ هل هو القضاء الذي يترأسه المجرم محمد المصراتي ويمثل خنوعه الخاسر إبراهيم الغويل، أم هو القضاء الذي يمثله المتلعثم جمعة عتيقة وغيره ممن بترت ألسنتهم فأصبحت عاجزة على أي مطالبة إلا طلب إتباعهم في سبيل القناعة بالمذلة تحت غطاء ترميم السفينة المخروقة؟
أيها الليبيون: الأجانب لم يدنسوا حرمات قضائكم، ولم يرغموكم على الإنصياع للمهزومين. الناس في الخارج لا يعانون من حول العيون وعمى الضمائر في النظر إلى مصالحهم، ولن يمسكوا عصاهم من منتصفها. قارنوا مواقف حكومة بلغاريا بمواقف حكومتكم وقوادكم الأممي. أين قضائكم المشلول من تصريحات القذافي التي قبلتوها كأحد المصادر الرسمية والتلقائية لقوانينكم بحكم ما تسمونه الشرعية الثورية؟ وأين قضائكم من أحكام القذافي المسبقة بأن قضية الأيدز جريمة ثابتة وأن ورائها السي-آي-أيه والموساد؟ هل تريدون الناس أن يحترموا قضائكم بعد هذا الإحتقار؟ كفاكم إزدواجية وإنفصام!
الحقيقة المرة أن الليبيين شعب يبحث عن فريسة ضعيفة ليشفي غليله بالنيابة. هذا هو الدافع للهثهم وراء الدماء، ولكن فريستهم الوحيدة هم الأجانب الضعفاء والمستضعفون، من أمثال قيرا-قيرا أفريقيا ومازقري أوربا الشرقية. هذا هو الخلق الذي نماه فيهم حاكمهم الجبان، وهو يعلم جيدا مدى خطورته اليوم على مصالح شركائه الأجانب، وربما يصير يوما ما نفس الخلق الذي به تجني على نفسها طرابلس.
يسعدنا أن نرى أكباد الليبيين تعيد نموها وتثبت حيويتها، ولكن أسفنا أن الألسن تتكون من نسيج مختلف لا يعيد نموه بعد بتره. وإلى جوقة النائحين نضيف: هذا الرأي لم يطرق ولا ينكر الجانب الإنساني من هذه القضية، جانب الضحايا الأبرياء، قرابة الخمسمائة بين أبناء وآباء. الهدف هنا هو التعامل مع محنة الخمسة ملايين، الأموات وهم لايعلمون.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل