ديوان‮ ‬‮ ‬‮رفــ الحصانة ــع ‬

2008-09-14

الاستبداد أمة واحدة




تحت هذا العنوان كان لنا تعليق في براكة (ليبيا اليوم) على الحلقة (٣١) من سلسلة التضليل الإسلامي تحت غطاء (الثقافة الدستورية)، والتي يقوم بنشرها الشيخ على الصلابي والسيد إسماعيل القريتلي. وهذه الحلقة كانت حول موضوع حقوق الإنسان من منظور إسلامي، وأثارت تعليقات من بعض حملة الفكر الأخضر (النيء)، المعروفين بالثوريين في الأوساط الليبية. يمكنكم الإطلاع على المقالة والتعليقات في براكة (ليبيا اليوم)، ومن بينها التعليق التالي:



من أهم شروط تمكين الأيديولوجيات الإستبدادية ومن ضرورات بقائها في السلطة، لا بد من تواجد القدرة على تزوير الواقع على رؤوس الأشهاد، ولا شك أن صناعة البروباغاندا تشكل مساحة هامة من مساحات التطابق بين الإستبداد القذافي والإستبداد الإسلامي. الثوري يتحدث عن وثيقته الخضراء التي لم تثبت لها فاعلية حتى للأغراض (التطهيرية)، والإسلامي يغني على وثائق أخرى ونصوص تاريخية من قديم الزمان. ولا يستطيع أحدهما أن يغادر المربع الأول! قالت الوثيقة، قال القائد ذات مرة؛ قال الله، قال الرسول، وانتهت الحكاية تماما مثلما ابتدأت! لاهذا في ربع قرن، ولا ذاك في أربعين يجد ما يستشهد به على حيوية هذا الفكر الإستبدادي أو ذاك، أي على قدرته على النمو خارج المربع الأول وترجمة الشعارات والمباديء التي يدعون إلى مؤسسات وعادات وتقاليد قانونية تشهد على عمق الفكر وصلاحيته وقدرته على مواجهة إمتحان الزمن بالتقدم وليس بالجمود والتحنط وإلقاء اللوم دائما على خرافة (فشل في التطبيق). تصور أن عالما من علماء الكيمياء يبرر فشل نظريته المتكرر بأنه فشل الذرات والجزيئات في التطبيق وليس فشل (النظرية الشاملة الخاتمة)، ثم يعود للمربع الأول!

في دائرة الحديث عن الحقوق، الإسلامي والثوري سيان، حالهم مثل حال (علماء) عصور الظلام الذين كانوا يعتقدون أن الشيطان يكمن في عالم المادة ولذلك لم يعتمدوا التجارب، ولا الأدلة الملموسة على وجه العموم، كوسيلة للإثبات والنفي وإنماء الحقيقة وإرساء التصديق. وعلى المستوى الرمزي هناك مثال متداول على هذا التحجر العقلي يفيد بأن (علماء) الظلام كانوا يقضون ليلة كاملة في جدل حول عدد أسنان الحمار، ولا يخطر ببال أي منهم أن يخرج من قوقعته ويفتح فم حماره ليقرر عدد أسنانه، لأن الإحتكام للعالم التطبيقي يعتبر زيغ وكفر ورجعية ورجس من رجس الشيطان. وهكذا يقتل العقل ويسجن الإنسان في متاهة المربع الأول ليجتر الفكر والأطر والمقاصد والأهداف التي أثبت الزمن فشلها بكل ما تعنيه كلمة فشل.

يحدثوننا عن مراعاة نظريتهم لكرامة الإنسان وحقه في الحياة، وهو نفس الإنسان الذي حللوا تسليعه فتوارثوه وباعوه في الأسواق وخصوه إن كان رجلا، أما الجواري فقد أسسوا جاذبيتهن التجارية على فاعليتهن الجنسية! ويحدثوننا عن المساواة! كيف يا علماء تتساوى العبدة مع مالكها، وكيف العين تتعلا على حاجبها؟ هل يستطيع الإسلاميون أن يحرموا الرجل المسلم من حقه في ملكية إنسان آخر، ذكر كان أو أنثى؟ وهل يستطيعوا أن ينكروا أن حضارتهم تجمدت بأسرها عندما قرر الإنسان أن يحرم صناعة الرقيق، لتختفي ظاهرة الجندي المملوك، والعامل المملوك، وينتقل شباب المسلمين من ما ملكت أيمانهم إلى أيمانهم المجردة؟ وهل يستطيع الإسلاميون أن يحدثونا عن المساواة التي على قدمها يقف قانون تخفيف عقوبة الجارية، لتكون نصف عقوبة المرأة الحرة؟ أي مساواة هذه؟ يا علماء الظلام: هاهو الواقع، هاهو وجه الحاج الذي حج به، وهاهو فك الحمار يمتد خلفنا ويحيط بنا من كل جانب، فأحصوا وأخبروا إن كنتم صادقين!

في المربع الأول تتكرر الشعارات الخارجة تماما عن سياقها، ومن أكثرها إستهلاكا في زنقة الحقوق طبعا مقولة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) والتي يستشهد بها الإسلاميون كدليل على إحترام كرامة الإنسان وعلى المساواة وربما حتى دليل على أن عمر بن الخطاب اخترع الإنترنت! لماذا يقتطعون هذه المقولة من سياقها وإطارها الإجتماعي المعاصر؟ لأنها صناعة البروباغاندا ومتطلبات التضليل. نحن نسألهم بواقعية: عندما أطلقت هذه العبارة، كم كان يملك قائلها من العبيد والجواري؟ لا يمكن لعاقل أن يهضم هذه المقولة إلا بالنظر لها في سياقها ومقامها الصحيح، ومن ثم يستوعب - العاقل - أن السائل لا يستنكر حق إستعباد الناس على الإطلاق، وإنما المغزى الحقيقي هو استنكار الخروج على قانون الاستعباد. وهكذا يكون تقدير الكلام من منطلقه الصحيح: (لا مانع لدينا أن تستعبدوا الإنسان المؤهل شرعيا للاستعباد، ولكن متى استعبدتم الغير مؤهلين؟) شتان بين الحقيقة وبين بروباغاندا الظلاميين!




التسميات: ,

2 تعليقات:

إرسال تعليق

عودة إلى المدخل