الجمال وعين الناظر
هل لاحظت يا عزيزي القاريء تدني وجمود المستوى الفني في إخراج بطاقات المعايدة والتهاني الخاصة بالمناسبات الإسلامية؟ لا أعتقد أن هذه الصناعة تطورت، ولا تختلف منتجاتها الإلكترونية عن سابقاتها من العصور الورقية، فهي تكاد تكون مجرد إعادة تعليب لنفس المواد. إذا ما فائدة هذه الصناعة؟ أعتقد أن فائدتها الوحيدة هي عرض القيم التي تقف ورائها والمعايير الجمالية في ثقافة تناست معنى الجمال.
صادفتني هذه الصورة الدعائية على رأس مقالة نشرتها براكة (جيل ليبيا)، ولكن الصورة من منتجات براكة (الليبية) الإذاعية، فكان لي التعليق التالي، وقد تتكرم براكة (جيل ليبيا) بنشره فيما بعد:
جمال الحرية يظهر بأوضح شكل في أقبح الأعمال. كم مرة وردت كلمة (الدين) والله والرسول وغيرها من المصطلحات الأيديولوجية في هذه المقالة الدعائية؟ كل ذلك لا يعكس مثقال ذرة من العمل الحر، بل مجرد عرض آلي لا يتغير أبدا ولا يمت لحقيقة الحياة لا في ليبيا ولا في المريخ. ما يعكس الحقيقة هي العفسات التلقائية، والتي تمثلها هنا الصورة الدعائية المعروضة على رأس المقالة، وهي بمثابة الربيع للناظر من فم الدار بعين العقل!(رمضان كريم)، يقول المصمم الذي يعكس إفلاس ثقافته بوضوح شديد، ومن حيث لا يدري، بينما تبدو مقولته وكأنها في محراب بين هديتين ملفوفتين بشكل أنيق وتصميم معهود استهلاكه في المناسبات المسيحية، يرمز إلى الصليب بإنحياز تقاطع الأشرطة الذهبية إلى جانب. ما علاقة هذه الرمزية بالشهر أو حتى السيد (رمضان كريم)؟ لاشيء على الإطلاق، ولكن الإخراج الحر يعكس بإخلاص لا إرادي الواقع الثقافي والإفلاس الأخلاقي المستشري خلف الأقنعة الإجتماعية. من الواضح أن إخراج هذه الصورة تم عن طريق (قص-لصق) وهو طريق مقبول إلى أبعد الحدود في الثقافات المفلسة، ويعكس القيم الحقيقية لتلك الثقافات ومدى تفهمها للإبداع والملكية والأصالة. وهكذا تكون معايير الجمال عندما يفقد الإنسان حاسية القيم.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل