حصر الحقيقة بين السقيطة واللقيطة
في سبتمبر٣٠٠٢، تأسست على الإنترنت مجلة ليبية بإسم "الحقيقة" واتصفت بأنها شهرية، ولكنها تغيبت عن النشر بعد إصدار سبعة أعداد في ثمانية أشهر، ثم عادت في سبتمبر الجاري بإصدار عددها الثامن متضمنا إستقالة محررها السابق. وفي ضوء هذا التسلسل، كنا نظن أن الحقيقة ولدت في الفاتح من سبتمبر وتوفت بعددها السابع في أبريل، ولكن يبدو أن دورية الفاتح كفيلة ببعث الحقيقة المعارضة تكرارا. قصة حياة هذه المجلة قصيرة، لكن لها تفاصيل مرعبة يمكن الإطلاع عليها عبر موقعها على الإنترنت، رغم كثرة المتاهات في مسالك ذلك الموقع.❊ في هذا الصدد، لن نركز على أداء مجلة الحقيقة من الجانب التقني\التنفيذي، بل سنكتفي بعرض بعض المباديء والقيم التى وضعها أصحاب الحقيقة في مرتبة الأساس، ثم سنعرض من ممارسات أصحاب الحقيقة نموذجا نعده متضاربا مع قيمهم المعلنة ومتناسقا مع ما يعارضون. يضاف نموذج الحقيقة كحلقة جديدة في سلسلة الإضطهاد الإعلامي الليبي، ولكن كل قراءة لهذه المقالة تثبت عمليا أن حقيقة اليوم لا تقيدها سلاسل الأمس.
في سياق تقديم المجلة والتعريف بها في إفتتاحيتها الأولى، أكد أصحاب الحقيقة أنها تأتي "لتسهم في الحوار ٫٫٫٫ وترسخ قيم التواصل ٫٫٫٫٫ وتبشر بمزيد تنوع وتعدد" وأنها ضرورة لتتويج "الانتشارالأفقي في الخطاب الليبي من خارج الوطن وداخله باصطفاء خطاب النخبة ٫"
وفي سياق تأبين المجلة والإستغفار لها في إفتتاحيتها السابعة، أكد المحررون أن مصفاة الحقيقة قامت على غربلة الخطاب الليبي لتحقيق النمو الرأسي من خلال النمو الأفقي، ربما في إشارة إلى تراكم النخالة من ردح الغربال أفقيا. وبالإضافة الى مصطلحات هندسة الدش والعزل، أكد المحررون أن مصفاة الحقيقة قبلت جميع الخامات وأنها كانت مجرد ساعي بريد، فقط لاغير، وهذا الأخير من مصطلحات هندسة عصر الجماهير.
من وجهة نظر رياضية\حسابية بحتة، يبدو برنامج "إصطفاء النخبة" مشابها لعملية ضرب الكسر بالكسر، لأن المحصلة دائما أصغر من مركباتها، وإستمرار العملية يؤدي بالضرورة إلى التلاشي. ولذلك يمكن أن نصف جفاف مجلة الحقيقة بأنها مصفاة صفت نفسها، وهو أمر فلسفي عميق، يوازي حكم الشعب نفسه بنفسه.
أما على سبيل الغربلة المكررة، فإن برنامج إصطفاء النخبة يذكرنا بعملية غربلة الكسكي اللتي تتم على مرحلتين، يستعمل في أولاها غربال واسع العيون نسبيا، يسمى السقاط؛ ثم تليها غربلة باللقاط. وبهذا الترتيب يتم إنتقاء فئة محددة من الحبيبات، ينحصر حجمها في نطاق ضيقبين ما يسقطه السقاط وما يلقطه اللقاط. هذا النظام البديع قد يؤدي إلى منتوج حقيقي ولكن لا محالة من كونه فاقدا للتنوع رغم قابليته للتعدد. هكذا هو كسكسي صحافة القذافي، وهكذا هو كسكسي الحقيقة، بغض النظر عن تعاكس إتجاه البرم في النموذجين، فكلاهما نتاج ورش القولبة والإستنساخ، وكلاهما تعدد بلا تنوع. وفي أوان إستقالة محرر الحقيقة وإستبداله بآخر، لايفوتنا أن نشير إلي إحدى مهالك نظام الغربلة الثنائية الكامنة في قلب الأدوار بتقديم اللقاط على السقاط لأن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى إنعدام الحقيقة.
إبتدأ تعرفي على الحقيقة بإرسالي مجموعة من التساؤلات والملاحظات قبيل صدور العدد الثالث من المجلة في نوفمبر الماضي، ولكن رسالتي ردمت وظلت مردومة إلي هذا التاريخ. والغريب في الأمر أن أول رد من المحررين كان عاجلا وتضمن "تهديدا" بنشر رسالتي فورا في العدد الثالث مالمأعارض في غضون سويعات معدودة! ولكن، إنقضت المهلة الكريمة بدون معارضة، ثم تبعتها موافقةصريحة، ولكن صدر العدد الثالث والرابع... وحتى السابع والثامن بدون أدنى إشارة إلى رسالتي.وفي نفس الفترة التي أضاف فيها أصحاب الحقيقة خمسة أعداد نشروا فيها رسائل من قراء آخرين، طمسوا رسالتي وقابلوا ملاحقاتي بالمماطلة والوعود المعلقة، كما سيتبين لاحقا.
تفضلوا بقراءة المراسلات التي تبادلتها مع إدارة مجلة الحقيقة، وإن كان بوسعكم، فتكرموا مع جزيل الشكر بإعلامنا كيف فقدت رسالتنا مؤهلات النشر. هل يمكن أن نرد خيبة أملنا لإخلالنا بأعراف النشر أو بالذوق العام، أم أن رسالتنا لا تنحصر في قالب الحقيقة بين السقيطة واللقيطة؟ يقول المحررون أن حقيقتهم مجرد ساعية بريد أتت لتسهم في الحوار وترسخ قيم التواصل وتبشر بمزيد تنوع وتعدد. ونحن نقول أن حقيقتهم مجهضة بنفاق القائمين عليها قبل قصرهم. ماذا سيفعل هولاء إذا توفرت لهم القدرة، هل سيفتحوا الأبواب أمام معارضيهم، أم أنهم سيردموننا مع أفكارنا في السجون بتهمة الشذوذ والكفر والزندقة وغيرها من تسميات صدع القوالب؟ في نظرنا بان الربيع من باب الدار، فلولا صفاقة القوم لخجلوا أن يسموا آراءهم بإسم الحقيقة. ولكن الطبع يغلب التطبع، وهذه ثقافتنا، ثقافة الإستبداد بشقيها القرينة: الغطرسة على الأسفل والمسلقة للأعلى.
ضمير مستتر
عضو مؤقت، التجمع الكوني للتحزمات الكرنافية-- تكتك.
mindamir.blogspot.com
نشرت هذه المقالة في موقع الكاتب في سبتمبر ٤٠٠٢ ولكل من يطلع عليها الحق في نشرها وتوزيعها بشرط أن يتم ذلك بدون أي بتر أو تغيير في محتوياتها مع الإشارة إلى مصدرها. وقد أرسلت هذه المقالة إلى الجهات التالية:
- محرر مجلة الحقيقة، ليفعل بها ما يشاء
- كتاب مجلة الحقيقة، لإفادتهم بعمل إدارتهم ولفتح فرص الرد والتعليق
- مدير منتدى "ليبيا الحرة"، للإفادة والنشر
- آخرين من المهتمين بالشؤون الليبية، للإفادة.
______________
❊ هنا موقع مجلة الحقيقة
[ملاحظة جانبية: تمشيا مع لغة العصر، وإضافة لمصطلح "الشبكة" وما يحمله من دلالة على نسيج مترابط متناسق، يمكننا أن نستدل بموقع الحقيقة لإصطلاح أسماء جديدة في عالم الإتصالات مثل إسم "لحية" وإسم "غفة" لما تحمله من دلالة على بلاء متلبد متخبل المسالك. وتتبع هذه المصطلحات مفرد "سلاطة" الذي سبقت إضافته لمعجم الإتصالات الليبية لوصف أوساط التفاعلات المباشرة والحية كالمنتديات أوغرف الدروشة. كيخ كيخ كيخ!]
من: ضمير مستتر
إلى: محرر الحقيقة
التاريخ: الخميس ٠٣ أكتوبر ٣٠٠٢
السادة القائمون على مجلة ومنتدى "الحقيقة":
بعد التحية، ننتمنى أن تكونوا في أطيب الأحوال٫
أود أن أقدم لكم بعض الملاحظات والتساؤلات بخصوص مجلتكم ومنتداكم، راجيا أن تردوا عليها بعقلانية وصراحة٫
١. إسم "الحقيقة" ليس جديدا في تاريخ الصحافة الليبية، فقد كانت في ليبيا صحيفة تسمى الحقيقة ولكنها طمست، مع غيرها من الصحف، بعد الإنقلاب العسكري٫ هل لكم أي تسلسل تنظيمي بالصحيفة السابقة، أم أنكم تنتحلون إسمها بدون علاقة؟ وما رأيكم في أن الإنتحال يعد نوعا من السطو على إبتكار الآخرين؟ نتمنى أن تنظروا إلى المسألة من الجانب الخلقي وليس بالضرورة من الجانب القانوني٫
٢. بغض النظر عن النقطة السابقة، هل ترون أن إسم "الحقيقة" يليق بمنشور تصب معظم مواده في خانة الآراء؟
٣. ماهو موقفكم تجاه الإستقلالية؟ وبالتحديد، هل ترون أن إعادة نشر موادكم في مواقع ليبية أخرى يتمشى مع مفهوم الإستقلالية الصحافية؟ وهل ترون أن هذا النوع من التكرار قد يولد إنطباعا لدى الجمهور بإنكم لاتقدمون جديدا للساحة؟
٤. كيف تصنفون تفاعل القراء مع صحيفتكم؟ في الظاهر، تفاعل القراء يقع بين الفتور والتجاهل٫ ماهو السبب، في ضوء النقطة السابقة؟
٥. كيف تصنفون تفاعل الكتاب والشخصيات البارزة مع صحيفتكم؟ ولنتطرق على سبيل المثال إلى تقديكم السيد إبراهيم إغنيوة في قسم "ركن الشرف" في عددكم الأول، حيثما ذكرتم أنه كان ضيفا لديكم وأنه أسس أول موقع ليبي على الإنترنت، إلخ٫ ولكن تواجد السيد إبراهيم كان غيابيا، وصورته على الغلاف كانت قديمة، مما يؤشر إلى إمتناع "الضيف" عن المشاركة الفعلية حتى بتقديم صورة حديثة٫ هذا بالإضافة إلى عدم تقديكم لمعلومات من سيرته، كتعليمه وتطور توجهاته الفكرية، أو أهدافه أو رؤيته الإعلامية، إلخ٫ وبالتالي غلبت على تقديمكم العاطفية والتبجيل تجاه متغيب منعزل، غير قابل للمس، كما هو الحال في الصحف الحكومية الليبية٫ هل توافقون أن لهذا النوع من التفاعل- أحادي الإتجاه- أضرارا تطغى على فوائده؟ كيف للقراء أن يترجموا موقف ضيف حاضر-غائب؟ أليس في ذلك إستخفاف لصحيفتكم من جانبه، وإصرارا على "المسلقة" والتسلق على سمعته من جانبكم؟ أخيرا، إن أول موقع "ليبي" على الإنترنت، على حد علمي، أسسه المدعو محمد حسن وكان في إطار صفحة شخصية في جامعة كوينز في كندا، وبإمكانكم تأكيد ذلك عند السيد إغنيوة٫ يبقى السؤال: على أي أساس قررتم أن ضيفكم أسس أول موقع ليبي على الإنترنت؟
٦. بخصوص منتدى "الحقيقة": ما هي الحكمة في إنشاء منتدى باللغة الإنجليزية في حضن موقع ينشر جميع مواده باللغة العربية؟ وعلى الرغم من خبرتكم في منتدى "ليبيا الحرة"، نلاحظ أنكم إخترتم نظاما مختلفا عن النظام المستعمل هناك، ولكنه مطابقا للنظام المستعمل في منتدى موقع"ليبيانا" الذي تغلب عليه الإنجليزية٫ هل كان هدفكم منافسة منتدى "ليبيانا" أو إستقطاب المشاركين فيه؟ على كل حال، ما هي أسباب شلل منتدى "الحقيقة" وهل كان ذلك الشلل هو دافعكم الوحيد إلى إسقاط رابطته من مدخل الموقع، أم أن هناك دوافع أخرى؟
في الختام، نتمنى أن تحظى هذه التساؤلات برعايتكم وجوابكم، ونطلب منكم ألا تنشروها بدون موافقتنا٫
وشكراً٫
ضمير مستتر
عضو مؤسس بمنظمة العقول الليبية الفوق أرضية (علفا.)
التاريخ: الجمعة ١٣ أكتوبر ٣٠٠٢
السيد مستتر لقد وصلتنا رسالتك ونرحب بنقدك وان كنت قد تجاوزت النقد احيانا الى الاتهام ولو انك نظرت في افتاحية العدد الاول لوجدت اجابات لبعض اسئلتك عوما نريد ان ننشر رسالتك في العدد الثالث الصادر غدا انشا الله فاذا كنت لا توافق ارجوا ان ترسل لنا بعدم موافقتك والا فننا نعتبر عدم ردك انه موافقة منك على النشر
ان لبعض تساؤلاتك تفسير بسيط جدا وهو السهووالنسيان ومنها عدم وجود الرابط للمنتدى في الصفحة الرئيسية ولكنك سوف تجد الرابط في كل صفحة ماعدا الصفحة الرئيسية وهذا يدفع تعليلكم ان الفشل هو السبب وراء اسقاط الرابط من الصفحة الرئيسية يعني يا مستتر لو كان الفشل هو السبب لاسقطنا الرابط من بقية الخمسين صفحة او اكثر المتبقية
سوف اضع الرابط اليوم انشا الله وشكرا للتبيه
ولكن في نظري السبب في "فشل" المنتدى الى الان هو في نظري يرجع الى الزوار والرواد فمهمتنا ان نوفر المنتدى ونقوم على صيانته اما المادة فهي تعتمد على الاعضاء ٫٫٫٫٫٫ اما تشابه منتدى الحقيقة مع منتدى ليبيانا فهو امر يدل على قصر نظر منك يا سيد مستتر فهذا النوع منالمنتديات منتشر على نطاق واسع جدا قد لا ابالغ ان قلت ان هناك الملايين من هذه النسخة على شبكة الانترنت فلماذا تقصر التشابه في "النظام" على رايك لماذا تقصر التشابه على منتدى ليبيانا؟؟ يمكنك زيارة موقع الشركة التي هي وراء هذا الوع من المنتديات هنا وعلى فكرة هذا النوع مجاني بينما المستخدم في ليبيا الحرة ليس مجانيا وهذا سبب وجيه لاختيار هذا "النظام" عموما شكرا على رسالتك وياليتها خلت من الاتهام واكتفت بالنقد وان كان لاذعا
عندما بدات الرد عليك لم اكن اريد ان اطيل ولكن هذا اللي صار ٬ اذا وافقت على نشرنا لرسالتك فسوف اكتب ردا موسعا اكثر من هذا
اسفل رسالتك
الى اللقاء
مع تحياتنا
التاريخ: السبت ١ نوفمبر ٣٠٠٢
هيئة تحرير وأصحاب "الحقيقة":
أرجوكم أن تتقبلوا جزيل شكري على قيامكم بالرد وعلى ما يشير إليه ذلك من حسن إلتزام وحدة إحساس بالمسؤولية٫ وأؤكد لكم أن تساؤلاتي لا ترمي لأي هدف أبعد من تقديم نظرات مستقلة تجاه عملكم في نطاق الإعلام٫ وفي ذات الحين، لا يفوتني أن أقدم لكم شديد إعتذاري عن أي كلمة أو نقطة قد ترون أنها جارحة لشخصكم أو متعدية على حرمتكم٫
أما بعد٫ فيما يخص عرضكم الكريم أن تنشروا جوابكم التام برفقة تساؤلاتي، فلا مانع لدي طالما وافق نشركم الشروط البسيطة التالية:
١. أن تنشروا تساؤلاتي كما أتت وأن تردوا عليها كما أتت، نقطة بنقطة٫
٢. أن تنشروا هذه الرسالة بأكملها، بما تحتويه من إضافة وتوضيح وإعتذار٫
٣. أن تأذنوا لي بنشر جواباتكم بأكملها في سياق التعقيب عليها٫
أما بخصوص ردودكم الأوّلية، فأسمحوا لي أن أرجيء تعقيبي عليها إلى أن تكتمل٫
شكرا مرة أخرى، مع فائق الإحترام٫
التاريخ: الإثنين، ٣ نوفمبر ٣٠٠٢
شكرا جزيلا اخ مستتر وانشا الله سوف نعود اليك في اقرب وقت وكل سنة وانت طيب
وبعد أسبوعين، إستفسرنا مرة أخرى...
التاريخ: الإثنين ٧١ نوفمبر ٣٠٠٢
السادة أعضاء تحرير "الحقيقة":
لقد طال إنتظارنا ولم يصل ردكم بعد٫ نتنمنى أن يكون المانع خير٫
هل نستمر في إنتظار ردكم المكتمل، أم أنكم عدلتم عن رغبتكم في الرد؟
التاريخ: الثلاثاء ٨١ نوفمبر ٣٠٠٢
السيد مستتر سوف نرد عليك في وقتنا انشا الله ولاحظ ان اعدادنا شهرية وكذالك نحن لسنا متفرغين للمجلة فكل منا لديه حياته الاجتماعية المهنية وهذا هو سبب تقصيرنا حيانا والسلام عليكم
في سياق تقديم المجلة والتعريف بها في إفتتاحيتها الأولى، أكد أصحاب الحقيقة أنها تأتي "لتسهم في الحوار ٫٫٫٫ وترسخ قيم التواصل ٫٫٫٫٫ وتبشر بمزيد تنوع وتعدد" وأنها ضرورة لتتويج "الانتشارالأفقي في الخطاب الليبي من خارج الوطن وداخله باصطفاء خطاب النخبة ٫"
وفي سياق تأبين المجلة والإستغفار لها في إفتتاحيتها السابعة، أكد المحررون أن مصفاة الحقيقة قامت على غربلة الخطاب الليبي لتحقيق النمو الرأسي من خلال النمو الأفقي، ربما في إشارة إلى تراكم النخالة من ردح الغربال أفقيا. وبالإضافة الى مصطلحات هندسة الدش والعزل، أكد المحررون أن مصفاة الحقيقة قبلت جميع الخامات وأنها كانت مجرد ساعي بريد، فقط لاغير، وهذا الأخير من مصطلحات هندسة عصر الجماهير.
من وجهة نظر رياضية\حسابية بحتة، يبدو برنامج "إصطفاء النخبة" مشابها لعملية ضرب الكسر بالكسر، لأن المحصلة دائما أصغر من مركباتها، وإستمرار العملية يؤدي بالضرورة إلى التلاشي. ولذلك يمكن أن نصف جفاف مجلة الحقيقة بأنها مصفاة صفت نفسها، وهو أمر فلسفي عميق، يوازي حكم الشعب نفسه بنفسه.
أما على سبيل الغربلة المكررة، فإن برنامج إصطفاء النخبة يذكرنا بعملية غربلة الكسكي اللتي تتم على مرحلتين، يستعمل في أولاها غربال واسع العيون نسبيا، يسمى السقاط؛ ثم تليها غربلة باللقاط. وبهذا الترتيب يتم إنتقاء فئة محددة من الحبيبات، ينحصر حجمها في نطاق ضيقبين ما يسقطه السقاط وما يلقطه اللقاط. هذا النظام البديع قد يؤدي إلى منتوج حقيقي ولكن لا محالة من كونه فاقدا للتنوع رغم قابليته للتعدد. هكذا هو كسكسي صحافة القذافي، وهكذا هو كسكسي الحقيقة، بغض النظر عن تعاكس إتجاه البرم في النموذجين، فكلاهما نتاج ورش القولبة والإستنساخ، وكلاهما تعدد بلا تنوع. وفي أوان إستقالة محرر الحقيقة وإستبداله بآخر، لايفوتنا أن نشير إلي إحدى مهالك نظام الغربلة الثنائية الكامنة في قلب الأدوار بتقديم اللقاط على السقاط لأن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى إنعدام الحقيقة.
إبتدأ تعرفي على الحقيقة بإرسالي مجموعة من التساؤلات والملاحظات قبيل صدور العدد الثالث من المجلة في نوفمبر الماضي، ولكن رسالتي ردمت وظلت مردومة إلي هذا التاريخ. والغريب في الأمر أن أول رد من المحررين كان عاجلا وتضمن "تهديدا" بنشر رسالتي فورا في العدد الثالث مالمأعارض في غضون سويعات معدودة! ولكن، إنقضت المهلة الكريمة بدون معارضة، ثم تبعتها موافقةصريحة، ولكن صدر العدد الثالث والرابع... وحتى السابع والثامن بدون أدنى إشارة إلى رسالتي.وفي نفس الفترة التي أضاف فيها أصحاب الحقيقة خمسة أعداد نشروا فيها رسائل من قراء آخرين، طمسوا رسالتي وقابلوا ملاحقاتي بالمماطلة والوعود المعلقة، كما سيتبين لاحقا.
تفضلوا بقراءة المراسلات التي تبادلتها مع إدارة مجلة الحقيقة، وإن كان بوسعكم، فتكرموا مع جزيل الشكر بإعلامنا كيف فقدت رسالتنا مؤهلات النشر. هل يمكن أن نرد خيبة أملنا لإخلالنا بأعراف النشر أو بالذوق العام، أم أن رسالتنا لا تنحصر في قالب الحقيقة بين السقيطة واللقيطة؟ يقول المحررون أن حقيقتهم مجرد ساعية بريد أتت لتسهم في الحوار وترسخ قيم التواصل وتبشر بمزيد تنوع وتعدد. ونحن نقول أن حقيقتهم مجهضة بنفاق القائمين عليها قبل قصرهم. ماذا سيفعل هولاء إذا توفرت لهم القدرة، هل سيفتحوا الأبواب أمام معارضيهم، أم أنهم سيردموننا مع أفكارنا في السجون بتهمة الشذوذ والكفر والزندقة وغيرها من تسميات صدع القوالب؟ في نظرنا بان الربيع من باب الدار، فلولا صفاقة القوم لخجلوا أن يسموا آراءهم بإسم الحقيقة. ولكن الطبع يغلب التطبع، وهذه ثقافتنا، ثقافة الإستبداد بشقيها القرينة: الغطرسة على الأسفل والمسلقة للأعلى.
ضمير مستتر
عضو مؤقت، التجمع الكوني للتحزمات الكرنافية-- تكتك.
mindamir.blogspot.com
نشرت هذه المقالة في موقع الكاتب في سبتمبر ٤٠٠٢ ولكل من يطلع عليها الحق في نشرها وتوزيعها بشرط أن يتم ذلك بدون أي بتر أو تغيير في محتوياتها مع الإشارة إلى مصدرها. وقد أرسلت هذه المقالة إلى الجهات التالية:
- محرر مجلة الحقيقة، ليفعل بها ما يشاء
- كتاب مجلة الحقيقة، لإفادتهم بعمل إدارتهم ولفتح فرص الرد والتعليق
- مدير منتدى "ليبيا الحرة"، للإفادة والنشر
- آخرين من المهتمين بالشؤون الليبية، للإفادة.
______________
❊ هنا موقع مجلة الحقيقة
[ملاحظة جانبية: تمشيا مع لغة العصر، وإضافة لمصطلح "الشبكة" وما يحمله من دلالة على نسيج مترابط متناسق، يمكننا أن نستدل بموقع الحقيقة لإصطلاح أسماء جديدة في عالم الإتصالات مثل إسم "لحية" وإسم "غفة" لما تحمله من دلالة على بلاء متلبد متخبل المسالك. وتتبع هذه المصطلحات مفرد "سلاطة" الذي سبقت إضافته لمعجم الإتصالات الليبية لوصف أوساط التفاعلات المباشرة والحية كالمنتديات أوغرف الدروشة. كيخ كيخ كيخ!]
من: ضمير مستتر
إلى: محرر الحقيقة
التاريخ: الخميس ٠٣ أكتوبر ٣٠٠٢
السادة القائمون على مجلة ومنتدى "الحقيقة":
بعد التحية، ننتمنى أن تكونوا في أطيب الأحوال٫
أود أن أقدم لكم بعض الملاحظات والتساؤلات بخصوص مجلتكم ومنتداكم، راجيا أن تردوا عليها بعقلانية وصراحة٫
١. إسم "الحقيقة" ليس جديدا في تاريخ الصحافة الليبية، فقد كانت في ليبيا صحيفة تسمى الحقيقة ولكنها طمست، مع غيرها من الصحف، بعد الإنقلاب العسكري٫ هل لكم أي تسلسل تنظيمي بالصحيفة السابقة، أم أنكم تنتحلون إسمها بدون علاقة؟ وما رأيكم في أن الإنتحال يعد نوعا من السطو على إبتكار الآخرين؟ نتمنى أن تنظروا إلى المسألة من الجانب الخلقي وليس بالضرورة من الجانب القانوني٫
٢. بغض النظر عن النقطة السابقة، هل ترون أن إسم "الحقيقة" يليق بمنشور تصب معظم مواده في خانة الآراء؟
٣. ماهو موقفكم تجاه الإستقلالية؟ وبالتحديد، هل ترون أن إعادة نشر موادكم في مواقع ليبية أخرى يتمشى مع مفهوم الإستقلالية الصحافية؟ وهل ترون أن هذا النوع من التكرار قد يولد إنطباعا لدى الجمهور بإنكم لاتقدمون جديدا للساحة؟
٤. كيف تصنفون تفاعل القراء مع صحيفتكم؟ في الظاهر، تفاعل القراء يقع بين الفتور والتجاهل٫ ماهو السبب، في ضوء النقطة السابقة؟
٥. كيف تصنفون تفاعل الكتاب والشخصيات البارزة مع صحيفتكم؟ ولنتطرق على سبيل المثال إلى تقديكم السيد إبراهيم إغنيوة في قسم "ركن الشرف" في عددكم الأول، حيثما ذكرتم أنه كان ضيفا لديكم وأنه أسس أول موقع ليبي على الإنترنت، إلخ٫ ولكن تواجد السيد إبراهيم كان غيابيا، وصورته على الغلاف كانت قديمة، مما يؤشر إلى إمتناع "الضيف" عن المشاركة الفعلية حتى بتقديم صورة حديثة٫ هذا بالإضافة إلى عدم تقديكم لمعلومات من سيرته، كتعليمه وتطور توجهاته الفكرية، أو أهدافه أو رؤيته الإعلامية، إلخ٫ وبالتالي غلبت على تقديمكم العاطفية والتبجيل تجاه متغيب منعزل، غير قابل للمس، كما هو الحال في الصحف الحكومية الليبية٫ هل توافقون أن لهذا النوع من التفاعل- أحادي الإتجاه- أضرارا تطغى على فوائده؟ كيف للقراء أن يترجموا موقف ضيف حاضر-غائب؟ أليس في ذلك إستخفاف لصحيفتكم من جانبه، وإصرارا على "المسلقة" والتسلق على سمعته من جانبكم؟ أخيرا، إن أول موقع "ليبي" على الإنترنت، على حد علمي، أسسه المدعو محمد حسن وكان في إطار صفحة شخصية في جامعة كوينز في كندا، وبإمكانكم تأكيد ذلك عند السيد إغنيوة٫ يبقى السؤال: على أي أساس قررتم أن ضيفكم أسس أول موقع ليبي على الإنترنت؟
٦. بخصوص منتدى "الحقيقة": ما هي الحكمة في إنشاء منتدى باللغة الإنجليزية في حضن موقع ينشر جميع مواده باللغة العربية؟ وعلى الرغم من خبرتكم في منتدى "ليبيا الحرة"، نلاحظ أنكم إخترتم نظاما مختلفا عن النظام المستعمل هناك، ولكنه مطابقا للنظام المستعمل في منتدى موقع"ليبيانا" الذي تغلب عليه الإنجليزية٫ هل كان هدفكم منافسة منتدى "ليبيانا" أو إستقطاب المشاركين فيه؟ على كل حال، ما هي أسباب شلل منتدى "الحقيقة" وهل كان ذلك الشلل هو دافعكم الوحيد إلى إسقاط رابطته من مدخل الموقع، أم أن هناك دوافع أخرى؟
في الختام، نتمنى أن تحظى هذه التساؤلات برعايتكم وجوابكم، ونطلب منكم ألا تنشروها بدون موافقتنا٫
وشكراً٫
ضمير مستتر
عضو مؤسس بمنظمة العقول الليبية الفوق أرضية (علفا.)
التاريخ: الجمعة ١٣ أكتوبر ٣٠٠٢
السيد مستتر لقد وصلتنا رسالتك ونرحب بنقدك وان كنت قد تجاوزت النقد احيانا الى الاتهام ولو انك نظرت في افتاحية العدد الاول لوجدت اجابات لبعض اسئلتك عوما نريد ان ننشر رسالتك في العدد الثالث الصادر غدا انشا الله فاذا كنت لا توافق ارجوا ان ترسل لنا بعدم موافقتك والا فننا نعتبر عدم ردك انه موافقة منك على النشر
ان لبعض تساؤلاتك تفسير بسيط جدا وهو السهووالنسيان ومنها عدم وجود الرابط للمنتدى في الصفحة الرئيسية ولكنك سوف تجد الرابط في كل صفحة ماعدا الصفحة الرئيسية وهذا يدفع تعليلكم ان الفشل هو السبب وراء اسقاط الرابط من الصفحة الرئيسية يعني يا مستتر لو كان الفشل هو السبب لاسقطنا الرابط من بقية الخمسين صفحة او اكثر المتبقية
سوف اضع الرابط اليوم انشا الله وشكرا للتبيه
ولكن في نظري السبب في "فشل" المنتدى الى الان هو في نظري يرجع الى الزوار والرواد فمهمتنا ان نوفر المنتدى ونقوم على صيانته اما المادة فهي تعتمد على الاعضاء ٫٫٫٫٫٫ اما تشابه منتدى الحقيقة مع منتدى ليبيانا فهو امر يدل على قصر نظر منك يا سيد مستتر فهذا النوع منالمنتديات منتشر على نطاق واسع جدا قد لا ابالغ ان قلت ان هناك الملايين من هذه النسخة على شبكة الانترنت فلماذا تقصر التشابه في "النظام" على رايك لماذا تقصر التشابه على منتدى ليبيانا؟؟ يمكنك زيارة موقع الشركة التي هي وراء هذا الوع من المنتديات هنا وعلى فكرة هذا النوع مجاني بينما المستخدم في ليبيا الحرة ليس مجانيا وهذا سبب وجيه لاختيار هذا "النظام" عموما شكرا على رسالتك وياليتها خلت من الاتهام واكتفت بالنقد وان كان لاذعا
عندما بدات الرد عليك لم اكن اريد ان اطيل ولكن هذا اللي صار ٬ اذا وافقت على نشرنا لرسالتك فسوف اكتب ردا موسعا اكثر من هذا
اسفل رسالتك
الى اللقاء
مع تحياتنا
التاريخ: السبت ١ نوفمبر ٣٠٠٢
هيئة تحرير وأصحاب "الحقيقة":
أرجوكم أن تتقبلوا جزيل شكري على قيامكم بالرد وعلى ما يشير إليه ذلك من حسن إلتزام وحدة إحساس بالمسؤولية٫ وأؤكد لكم أن تساؤلاتي لا ترمي لأي هدف أبعد من تقديم نظرات مستقلة تجاه عملكم في نطاق الإعلام٫ وفي ذات الحين، لا يفوتني أن أقدم لكم شديد إعتذاري عن أي كلمة أو نقطة قد ترون أنها جارحة لشخصكم أو متعدية على حرمتكم٫
أما بعد٫ فيما يخص عرضكم الكريم أن تنشروا جوابكم التام برفقة تساؤلاتي، فلا مانع لدي طالما وافق نشركم الشروط البسيطة التالية:
١. أن تنشروا تساؤلاتي كما أتت وأن تردوا عليها كما أتت، نقطة بنقطة٫
٢. أن تنشروا هذه الرسالة بأكملها، بما تحتويه من إضافة وتوضيح وإعتذار٫
٣. أن تأذنوا لي بنشر جواباتكم بأكملها في سياق التعقيب عليها٫
أما بخصوص ردودكم الأوّلية، فأسمحوا لي أن أرجيء تعقيبي عليها إلى أن تكتمل٫
شكرا مرة أخرى، مع فائق الإحترام٫
التاريخ: الإثنين، ٣ نوفمبر ٣٠٠٢
شكرا جزيلا اخ مستتر وانشا الله سوف نعود اليك في اقرب وقت وكل سنة وانت طيب
وبعد أسبوعين، إستفسرنا مرة أخرى...
التاريخ: الإثنين ٧١ نوفمبر ٣٠٠٢
السادة أعضاء تحرير "الحقيقة":
لقد طال إنتظارنا ولم يصل ردكم بعد٫ نتنمنى أن يكون المانع خير٫
هل نستمر في إنتظار ردكم المكتمل، أم أنكم عدلتم عن رغبتكم في الرد؟
التاريخ: الثلاثاء ٨١ نوفمبر ٣٠٠٢
السيد مستتر سوف نرد عليك في وقتنا انشا الله ولاحظ ان اعدادنا شهرية وكذالك نحن لسنا متفرغين للمجلة فكل منا لديه حياته الاجتماعية المهنية وهذا هو سبب تقصيرنا حيانا والسلام عليكم
0 تعليقات:
إرسال تعليق
عودة إلى المدخل